أحمد
نقل كل هذه الأسئلة و غيرها لصديقه عبد الله الذي أكد له أن الفتاة الفاسية قد سقطت في شباكه، و أنه عليه أن يقوم بخطوة يؤكد لها من خلالها أنه معجب بها، بل و ربما يحبها !!!
تردد التجاني كثيرا في القيام بأي خطوة قد تفسد كل شيء، خاصة و أن حديثه معها لم يتعدى يوما التحية ، و طلبها لدفتره من أجل نقل ما فاتها من الدرس بحكم تأخرها المتكرر...
و بعد أيام خطرت بباله فكرة ذكية جدا، فخاطب صديقه طالبا رأيه:
- "لماذا لا أكتب لها رسالة، أعترف لها فيها بما يخالجني من أحاسيس و أضعها في دفتري الذي تأخذه معها قصد نقل ما فاتها؟ "
استحسن عبد الله الفكرة ، بل و شجع التجاني على ٱختيار حلو الكلام و رقيقه، فالفتاة أكيد مغرمة ، حسب رأي رفيق التجاني...
قضى العاشق الولهان ليلته يكتب و يقطع ، إلى أن اقتنع بمضمون رسالة من صفحتين، فجر فيها أحاسيسه و اعترف للفتاة بحبه الذي تعدى حب قيس لليلى، و عنترة لعبلة ...
و جاء الغد، فكانت الأمور كما تمناها، إذ جاءت الطالبة متأخرة جدا...و عند انتهاء الدرس طلبت منه دفتره، فلم يمانع، بل أنه و ضع لها الرسالة و سط الدفتر، و بالظبط في المكان الذي ستنقل منه ما فاتها...
و تفرق الطلبة بين شعاب الجامعة، لينصرف التجاني إلى مرقده منتظرا الغد و ما سيحمله من ردة فعل المعشوقة التي سقط في شباكها بالصدفة لتصبح رسما يؤثث به غرفته بالحي الجامعي ...
لم يعرف النوم الطريق الى جفونه، فبات يبني و يهدم و يتخيل...كان متفائلا رغم خوفه، فقد توقع أن يجد رسالة بدفتره كجواب على رسالته و بها اعتراف صريح بحب متبادل...
و جاء الغد...حل التجاني باكرا بقاعة الدرس ليحجز الكرسي لحبيبته، أما عبد الله فقد حضر لأول مرة باكرا، فهو يريد معرفة الجواب هو الآخر...
جاءت المعشوقة ، على غير عادتها، في الوقت المناسب، سلمت للتجاني دفتره ثم جلست...لم تصدر أي حركة أو كلمة تساعد بها العاشق على معرفة ردة فعلها...
بحث التجاني عن رسالته بدفتره فلم يجد لها أثرا...بل و لا أثر لجواب !!!!
تناسلت الأسئلة برأسه طيلة ساعتي الدرس...هل ضاعت الرسالة قبل أن تقرأها ، أم قرأتها و لم تهتم بمحتواها؟....
انتهى الدرس فشرع الطلبة في مغادرة القاعة... قام التجاني و عبد الله و هما بالإنصراف ، لكن الفتاة طلبت من التجاني الإنتظار...أخرجت رسالته من حقيبتها ثم مزقتها و ضربته بها لوجهه و هي تردد:
_" آش هاد البهلان كاتبلي انتيا أهنا ؟"
فرد التجاني و هو يرتجف :" أعتذر ....أعتذر ..." .
انصرف بسرعة و توغل بين الطلبة و فجأة سمع صديقه عبد الله يناديه من خلفه : " عنداك... عنداك ...هاهي تابعاك..."
فهرب التجاني حوالي الثلاثة أمتار قبل أن يلتفت خلفه ليجد صديقه ينفجر ضحكا...إذ لم يكن لها و جود خلفه ، بل هي مجرد دعابة خبيثة من عبد الله.
مسكين هذا التجاني راس المحاين
ردحذف