الصفحات

31‏/3‏/2016

قصة قصيرة بعنوان: تهم الفقيه السي عبد السلام

تهم فقيه الدوار.

السي عبد السلام فقيه الدوار، شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره...حافظ لكتاب الله، ومتفقه في الدين ...رشحه سكان الدوار ليكون مؤذنا، ويؤمهم في صلاتهم...
حدث مرة ان استفاق السي عبد السلام على صوت الوعيد من أبيه: " أوالله عماركم لا تفارتوه...الناس راها كتقطع الغابة وتصغب البلاد لراسها...و نتوما غ الصلاة والنعاس..."
كلمات الأب نزلت كالصاعقة بأذن السي عبد السلام ...وهو الذي لم ينم سوى قليلا بعد صلاة الفجر...
" أنوض هز الشاقور وسير ادطوع الأرض ..." يضيف الأب ناصحا إبنه...
حمل السي عبد السلام معولا ، وضع جلبابه على قفاه ...واطلق العنان لرجليه ليغازلا سرواله القندريسي الأبيض قاصدا الغابة...
تاه السي عبد السلام بين الحقول...قبل ان يصل الى حيث حدد ابوه...شعر بحزن شديد وهو يرى ما آلت إليه الغابة...اشجار السنديان الفليني مجتثة عن آخرها وأخرى يبست بعد ان تم قص لحائها بشكل دائري...
تذكر السي عبد السلام كيف كانت الغابة عندما كان راعيا ، وكيف أصبح حالها بعد ان اصبح الناس يزرعون " العشبة" ...ولكن ليس له الإختيار...فهو دائما يوصي الناس في خطبه بطاعة الوالدين...
مسك السي عبد السلام " الشاقور " بيديه وشرع في قطع اول شجرة ...كانت خضراء ومليئة بالبلوط...
فجأة سمع صوتا ملائكيا رقيقا يقول" دعها فإنها تسبح الله مثلك " ...
توقف و استدار فلم يجد احدا...ثم عاد الى عمله ...
يتكرر نفس الصوت " دعها فإنها تسبح الله مثلك " ...توقف ونظر حوله ...لا احد ...قرأ ما تيسر من الذكر الحكيم ، ثم عاد الى عمله..
يتكرر الصوت الملائكي عدة مرات، في كل مرة ينزل بمعوله على الشجرة...
اثار انتباهه منظر طائر حزين ...يمسك بالبلوط بمنقاره ويقذفه نحو السي عبد السلام ...
اسمتمر في القطع...الشجرة تلو الاخرى ...يتردد الصوت الملائكي مرات ومرات...ثم يتحول فجأة لصوت خشن " أرا ديك الشاقور الشريف "
مد المعول لحا رس الغابة ...مصحوبا باسمه واسم ابيه وجده...
احس السي عبد السلام بحمى ودوران...ثم بدأ يردد دون توقف وبشكل هستيري " دعها فإنها تسبح الله مثلك "...
وصل بشق الانفس الى المنزل...شاع خبر في الدوار مفاده ان السي عبد السلام اصابه مس من الجن...ثم آخر يقول انه فقد عقله...امتلأ البيت بالنساء ، ثم بالرجال...اقترح كبيرهم ان يحملوه الى الولي الصالح وان يتقرب له بديك اسود...بقي الحال على ما كان عليه...حملوه يوم غد الى المستشفى الاقرب ( خمسة وثلاثون كيلومترا )...ملأ الطبيب ورقة من جهتين ...حملها أبو السي عبد السلام الى اقرب صيدلية ...فوجئ بالثمن فطلب من الصيدلي أن يعطيه ارخص دواء...
عاد المسافرون الى المنزل شرب السي عبد السلام المهدئ ...واستسلم لتفكير عميق مصحوب بترديد " دعها فإنها تسبح الله مثلك "...تذكر ذاك الطائر المشاكس...هم يسمونه " أقوج " ...عادة ما يخزن البلوط تحت الارض ليتناوله فيما بعد ...فيسقط المطر...وينبت البلوط ليصبح اشجارا...
يوم غد ...حمل السي عبد السلام فأسا وقصد الغابة وهو يردد نفس الجملة دون توقف...جمع بلوطا كثيرا و بدأ يغرسه دون كلل ...وفي كل مرة يمر أحدهم بقربه يسأله عما يغرس ،فلا يرد سوى بجملته " دعها فإنها تسبح الله مثلك "...فيرددون " مسكين حماق...".
وفجأة انتبه السي عبد السلام لنفسه إنه لا يردد " دعها فإنها تسبح الله مثلك ".
لاحظ ان طيورا كثيرة اجتمعت حوله...كانت تزقزق...ألقى السي عبد السلام بفأسه واسرع الخطو...مباشرة الى المسجد...وأذن.
تساءل الناس عن سبب الآذان في غير وقت صلاة...اسرعوا الى المسجد يستطلعون...فوجدوا السي عبد السلام على النبر ينتظرهم...ثم قام خاطبا: " ...عباد الله لا تقطعوا أشجار الغابة ، فهي تسبح الله مثلكم..."
رجع السي عبد السلام الى منزله مزهوا...فرح به أهله يوما كاملا...لكن فرحهم لم يطل ...ففي صباح يوم غد الغد فوجئت الأسرة بمنزلها محاطا برجال الدرك...ثم قبض على السي عبد السلام ...اما
التهم فهي : " زراعة القنب الهندي، وقطع اشجار الغابة ، واهانة مديرية المياه والغابات في خطبة في غير وقتها.

                                                                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "