الصفحات

16‏/9‏/2016

عيداﻷضحى بالمدينة - لهذا انتحر الخروف -

عيداﻷضحى بالمدينة - لهذا انتحر الخروف -

بقلم المودن أحمد

صدقوني أنني أعيش بالمدينة منذ 1990...متزوج و مقيم و أعمل بها...و لكني عند كل عيد أضحى أسافر إلى البادية و أقضي العيد هناك ...
بل أنني لشدة تشبثي بهذه العادة ، فقد حصل أن ذبحت خلال السنة الماضية خروفا لزوجتي بالمدينة ثم و دعتها هي والخروف و قصدت بيت أمي حيث يوجد قوم يأكلون لحم العيد في حينه...
هذه السنة فرضت علي ظروف العمل أن أقضي العيد بالمدينة...و ياليتني لم أقضيه...
قبل العيد بأيام بدأت الأبقار و الأغنام تفرض و جودها بالصوت و الصورة...فيتباهى الناس بحجم الخروف ، و بكونهم سيضمون إليه بقرة ...و آخرون يحملون خرافهم الصغيرة على أكتافهم و يلجون الحي ليلا خوفا من شماتة الجيران...
أحد الجيران اشترى بقرة و لم يجد لها مرقدا فربطها بنافذة الطابق السفلي ثم افترش بقربها ووضع وسادة و نام...و في كل مرة كانت تخطأ رأسه بسنتيمترات و هي تفرغ روثها و....
يوم العيد كان مأساة حقيقية...و جدت بنتي وهي تبكي بركن البيت...سألتها عن سر حزنها فقالت لي مستعطفة :
- أبي لا تذبح خروفنا إنه لطيف جدا...
شرحت لها ما استطعت، ﻷقتنع في اﻷخير أنني ولدت شاعرة...
قمت بجولة في حينا فرأيت أشياء غير إنسانية...خراف تذبح أمام أعين بقرة ...رجال يستعرضون سيوفهم أمام اﻷضاحي...دم يجري أمام أعين و أرجل خرفان لم تذبح بعد...ثم دخان رؤوس تحرق، و أزبال مشتتة تجمع ما يفرح له الناموس قبل البعوض...
وقد كان الحدث اﻷكثر مأساوية هو قفز خروف من سطح منزل ذي خمسة طوابق ليسقط على أسلاك كهربائية فيحترق بالكامل...
عدت لبيتي وذبحنا خروفنا...حاولت أن أطرد حزني فتصنعت اﻹبتسامة أمام أبنائي...و بعد السلخ و أكل الكبد...قامت زوجتي بقطع الخروف و تحويله إلى مجموعات لحمية ...ثم أخرجت كيسا كبيرا به عشرات اﻷكياس الصغيرة...ملأتها عن آخرها ووضعتها بالمجمد و قدمت لي تقريرا مفصلا عن عدد اﻷكياس وعدد الشهور التي حكم بها على اللحم ليقضيها في سجنه البارد...
سألتها عن سر هذا التقسيم...فقالت لي أنها لا تقبل أن تشم رائحة الشواء عند الجيران خلال شهر يناير أو فبراير...في حين لا تجد هي ما تشويه...
والغريب في اﻷمر أن جميع زوجات إخواني و كذا جاراتنا و جاراتهن، فعلن نفس الشيء و كأنهن يساندن زوجتي في طرحها...
و هكذا اقتنعت أنا كذلك - رغما عني - بطرحها و أنا ألعن صانع المجمد و مبتكر الكهرباء...ووجدت ضالتي في تذكر أيام العيد بالبادية حينما أكلنا خروفا في يومي العيد اﻷولين ثم ذبح أبي رحمه الله خروفا ثانيا في اليوم الثالث...
يؤسفني أن أطل كل يوم على لحم خروفي و هو يعاني من البرد القارس في حين أكتفي أنا بأكل السلاطة مع قطعة لحم واحدة فيما يشبه " الريجيم "... و أنتظر بلهفة حلول الضيوف لدارنا ليفرج عن لحم خروف العيد و لو بكفالة...
المهم هذا هو العيد و إلا فلا!!!

 
                               

هناك 19 تعليقًا:

  1. غير معرف16/9/16

    Mohamed El Agi
    من أجمل ما قرأت..،

    ردحذف
  2. غير معرف16/9/16

    Abdo Hamid
    حياك الله أخي أحمد وعيد مبارك سعي~~د في الصميم العيد بالمدن مأساة حقيقية

    ردحذف
  3. غير معرف16/9/16

    Amina Rachida
    للأسف الشديد والله كلامك صحيح

    ردحذف
  4. غير معرف16/9/16

    حميد الگرضى
    نعم صديقي ما تفضلت به صحيح فأنا أيضا أسكن في المدينة لكني أشعر براحة وسكينة أكثر عندما أكون في البادية بالقرب من العائلة والأصدقاء إضافة إلى هوائها النقي وبساطة أهلها وكرمهم وعاداتهم المتميزة .

    ردحذف
  5. غير معرف16/9/16

    Mfadal El Atifi
    تعرفني انتي أحد المعجبين إلى حد الإدمان على قراءة قصصك ومقالاتك لكن مثل هذا ما قرأت
    لو ان الخراف لها حق رفع دعوى قضائية بالمحكمة العليا فلن تجد مثل المقال الافتتاحي للدعوى

    ردحذف
  6. غير معرف16/9/16

    Ali Remmah
    مشفت والو أسي احمد.في أحدى المدن علق سكان السفلي الكزرة بجانب الباب كي تجف وتلهاو مع اشوا ، بعدها لم يعثروا لها على أثر ، أغمي على الزوجة ، أما الزوج فقدم شكاية للأمن . عند المساء عادوا باللص ومعه الكزرة ، وما أن دخلوا بها حتى استفاقت المرأة.

    ردحذف
  7. غير معرف17/9/16

    Sedik Bentahra
    من اين تاخذ اخي المودن هذه الافكار البسيطة لتدونها وتنشرها وتجعلنا نعيش معك واقعنا ابتاريخي واللحظي
    تطربنا بكلامك وتعبيرك الجبلي القح المتزن باصالته وجذوره التي منها ترعرعنا وكبرنا ايام غفساي الجردة وراصراص وواد اولاي والكراج والزريقة والديوانة بمدخل مدينة غفساي ومطعم لعوار وفران مايندا الشهير

    ردحذف
  8. غير معرف17/9/16

    Abde Lkarim Es-saoudy
    شكرا لك تتحفنا بكتاباتك الرائعة أتمنى لك المزيد من التفوق إن شاء الله

    ردحذف
  9. EL Moudden Ahmed
    شكرا لكم جميعا على إطرائكم ...صدقوني أني كتبت هذا النص دون أن أعي ما أكتب...إنها لحظة صدق و تلقائية حاولت من خلالها أن أعبر من دون قيود...

    ردحذف
  10. غير معرف17/9/16

    Ahmed EL Alaoui
    اخي احمد السنة الماضية جربت العيد في المدينة لاول مرة و اتمنى ان تكون الاخيرة

    ردحذف
  11. غير معرف17/9/16

    Abdellah Asfoury
    شكرا لصدقيتك اخي احمد

    ردحذف
  12. غير معرف17/9/16

    Faysal Soufi
    احسنت اخي المودن في وصف حال المدينة يوم العيد

    ردحذف
  13. غير معرف17/9/16

    Hassan El Alami
    أستاذي وصديقي حلقة متميزة لعيد الأضحى ولحمه اللهم نجينا منه لأنه مريض بالروماتيزم لكثرة سكانه في المجمد

    ردحذف
  14. غير معرف17/9/16

    Mohammed Bousraraf
    أعلق أولا على خاطرة سي المودن لأقول : خاطري يجرني جرا ويجبرني على الافتخار بحبي للبادية ، سواء مسقط رأسي أو غيره . أحيي فيكم سي المودن هذا التعلق الذي أتقاسمه معكم بالميزان الرقيق ، كما يعرفه أخونا سي علي الرماح ، لأنه ذو خبرة في وزن المعدن النفيس ، وذو ذراية في الاستمتاع بعبق الدوار ، حيث الثمرة من الشجرة ، والحليب من العنزة أو البقرة ، ومباشرة . رائحة دخان الروث تحت "الشماش" . لذة خبز فرن التراب المزند بقتة بشنيخة ، أو حطب الدرو ، والسرو ، والصفصاف .
    جرب أن تطهو لحما طريا ، ولو كان قليلا ، مع حبة كرعة (3 نقط فوق الكاف ) مجنية في حينها ، وكأس زيت بلدية ، وحبة بصل من العرصة ... تكون المكونات الغذائية كلها حاضرة ...
    أشفقت لحال اللحم المسكين ، الذي يقضي عقوبة السجن في أصقاع المجمد ، حيث يصبح صورة لحم وليس لحما. بجانبه في الثلاجة ، صورة خضر ، وليس خضرا. أضحكتني من الأعماق بالصورة الأدبية الخلابة ، لمن بات على بعد سنتمترات من وقوع روث بقرة العيد .
    براءة الطفلة ، المشمولة بحفظ الله ، جعلت عطفها يتحول إلى حب لحيوان لطيف يستحق الشفقة . المسكينة على حق ، سي أحمد ؛ فكيف لي أن أغدر أو أذبح مخلوقا أحببته؟؟ ...
    ذكرتني بيوم يتكرر بعض مرات في السنة ؛ أصبر وأتصنع الابتسامة وأجتهد لجبر خاطر الزوجة والأبناء لأبيت بالمدينة ليلة أو ليلتين ، في انتظار أن أجد عذرا للمغادرة ، لمعانقة أحضان البادية ، أو على الأقل رؤيتها من الفيلاج.
    ذكرتني بمستملحة تروج أن معلما مثلي قطع لحم خروف العيد على عدد أيام السنة ، حتى لا يشتري لحما إلا مع حلول العيد المقبل.
    ، لكنه سرعان ما انتبه إلى غثاء خروف جاره الممرض ، بعد مرور أسبوع العيد. اجتهد المعلم ، كما العادة ، ليتوصل إلى أن الممرض يقتطع اللحم من الخروف الحي ويخيطه جلده ليبرأ ويعاود التقطيع ، وهذا ما يؤكد تفوق الممرض على المعلم في الشطارة.
    تحياتي.

    ردحذف
  15. غير معرف17/9/16

    Ali Remmah
    لايسعني إلا أن أحيي سي محمد على حبه وتعلقه بالبادية ، وقد كنت أدرس بمدينة مكناس ، وأسمع من أخي المتواجد بالبادية أن سي محمد بالاضافة إلى أنه رجل تعليم ، فهو يكتري الأرض ويحرثها ويلبس البوط وقت الشتاء ، فكنت أغبطه على ذلك وأتمنى أن أكون مثله من شدة حبي للبادية.

    ردحذف
  16. غير معرف17/9/16

    Khadroun Mohamed
    جميل ان نخضع لتقنين الأكلي ههه خصاغير الضيوف انا جاي هنا اجاي

    ردحذف
  17. غير معرف17/9/16

    Sahli Mohamad
    العيد في البادية جميل تشعر فيه بأنه العيد
    حتى الزيارات او ما يسمى بالتغفير يدوم ثلاثة ايام والناس يزورونا بعضهم البعض

    ردحذف
  18. غير معرف17/9/16

    Abdou Makouar
    حياك الله الله اخي احمد علي هاد المعلومات البسيطة لكنها في نفس الوقت رائعة شكرا لك

    ردحذف
  19. غير معرف19/9/16

    Nordin Nordin
    وصف دقيق لما يجري يوم العيد .في المدينة والبادية معا.شخصت استاذي الحالة الكارثية للمدينة وساكنتها قبل ويوم وبعد العيد.وصدقت لما قلت ان العيد في البادية افضل .فالاجواء تكون حميمية لثلاثة ايام بتبادل الزيارات والتهاني والتبريكات .وحبذا لو بقينا على هذا الحال . فالبادية لم يبق فيها تقريبا الا عيد الاضحى .اتمنى الا يجمد كما جمد لحم الخروف .

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "