الصفحات

28‏/2‏/2017

تاريخ بني زروال بين الحقيقة و الخرافة.

من مذكرات التجاني.

بقلم المودن أحمد من المشاع ، ببني زروال.

مد التجاني جسده النحيف فوق سرير مجاور للسرير الذي اتخذته أمه مستقرا لها، ففيه تنام، وعليه تجلس، و فوقه تأكل...فقد تجاوزت السبعين سنة بكثير... بل وجعل منها الشلل النصفي مجرد كائن حي بسيط لا يراوح مكانه...
كان التجاني يعرف جيدا أن أمه في حاجة لمن يتحدث معها...و لكنه لم يكن يعرف أن ذاكرتها أقوى من ذاكرته...
حاول استدراجها لموضوع يشغل باله فسألها عن قصد :
- هل تتذكرين شيئا يا أمي عن الفرنسيس؟!
ابتسمت و هي ترد عليه:
- و كيف لا أتذكر ، و قد نلنا من النصارى ما لا يمكن نسيانه...
- ماذا تقصدين بالنصارى يا أمي ؟
- هؤلاء الذين عذبوا آباءنا و أهلنا...خاصة لما تم قتل " النصراني " بباب مراكلو "...
و دون حاجة لأسئلة أخرى من التجاني انطلقت اﻷم في سرد ما رأت عيناها وما سمعت أذناها عن حقبة لم يتحدث عنها التاريخ الذي تعلمه التجاني بمدرسة المشاع ولا بثانوية اﻹمام الشطيبي...ولا حتى بكلية اﻵداب بجامعة فاس...
كانت اﻷم تحكي كل صغيرة و كبيرة، و تذكر بافتخار كيف أن عمها هو من قتل " النصراني " صحبة المجاهد د تينزة...و ما تلى ذلك من قصف للطائرات و هروب للأهالي باتجاه كتامة...
تبتسم اﻷم و تلعن الشيطان قائلة :
- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ...لقد أنساني الشيطان في إسم العجوز الوحيدة التي بقيت بدوار تينزة، لأنها لم تتمكن من الهروب...لقد وقف عليها " السيد "، الذي يوجد ضريحه فوق تينزة، في المنام ، و قال لها : " لماذا يفرون...انظري إلى سلهامي " المطوق"  بالقرطاس... ألا  يكفيهم أنني أدافع عنهم؟! ..."
أحست اﻷم أن إبنها لا يصدق ما تقول فحاولت أن تعطيه الدليل:
-  يحكي الناس أن  الطيارين الذين كانوا يقصفون دوار تازكارت بالطائرات كانوا يرون " تينزة " من هناك كصحن ...و حين يلجؤون لقذفها بالقنابل لا يرون شيئا و كأن غمامة قد حالت دون ضربهم لدوار تينزة...
حاول التجاني تغيير مسار ذكريات اﻷم فسألها بلطف :
- وما نوع العذاب الذي عانى منه أهلكم ببني زروال ؟!
و كأنها تتحدث عن أمس قريب، لم تتأخر في الرد قائلة :
- أنا عاصرت " العسة " ...فقد كان الفرنسيس يفرضون على رجال الدوار القيام بالعسة بالليل و النهار...وقد كان البرد قارسا جدا...كانوا يضعون أجسادهم في " قفة التبن " كي يتدفؤون قليلا...بل أنهم كانوا يدفنون المقاومين في الثلج...
تتوقف اﻷم للحظة و كأنها تحاول استدراك شيء ما لم تذكره...ثم تكمل :
- كان هناك قوم يبلِّغون اﻷخبار للفرنسيس...كنا نسميهم " الشكامة " ففي المشاع اشتهرت عائلة"...." بالتعاون مع النصارى...(وهنا تضحك )...كنا نسميهم " الشكامطة"...
رن الهاتف ليتوقف التسجيل تلقائيا...فقد كان التجاني بصدد تسجيل أمه و هي تحكي ذكرياتها بتلقائية...
يتبع....

 
                               

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف1/3/17

    EL Moudden Ahmed
    تحية خاصة للأصدقاء الذين أرغموني على الكتابة ...أعرف أنني لن أكون في المستوى بسبب ظروف خاصة...و لكنه عشق الكتابة انتصر...بل و انتصر علي عشاق الحروف...

    محمد علي مريزق
    وراك وراك عفوا معك معك على الخط والى اخر السطر دون أن تضع نقطة نهاية

    Hassan Harti
    فعلا لقد وصلتم بالقدرة على الكتابة والجرأة في نبش ذاكرة قبيلة بني زروال اليوم أجدني معك أعود لنفس الحكاية .أنه مربط الفرس .بعد المقاومة وأيام البارود حل برجال القبيلة ونسائها العذاب .العسة-الأربعة ايام من العمل دون أجر لكل من وصل الثامنة عشرة تحت السياط .النسوة كانت تجمع المحاصيل وتقدم المستعمر الفرنسي . انها المأساة التي كانت جدتي تحكيها فانام. .

    Wahid Elfatimia
    العود احمد

    Ma Di
    جميل جدا مزيدا من الرقي والتالق اخي المودن

    El Ouarayni Lkhal
    Ta7yati lnas dalmcha3 blad al3ilm

    Abdellah Moulalbab
    أطال الله عمر الوالدة ، و شفاها ، فهي و أمثالها ذاكرة هذا البلد و تاريخه الحقيقي

    Bardi Med
    وا فين غبرتي ا ستاد

    Mourad Reban
    انتظرنا كثيرا السي التجاني

    حميد الگرضى
    نطلب الله تعالى لوالدتك الشفاء العاجل وطول العمر وننصحك بالإحسان إليها وبرها فالجنة تحت أقدام الأمهات

    EL Hamzaoui Abdelmalik
    تحياتنا الغالية لاستاذنا الجليل ونتمنى الشفاء للوالدة. ونستفسرك اخي احمد عن مشروع كتابتك التاريخية للقبيلة اين وصل . فنحن في انتظار صدور كتاب من مؤرخنا يكون مرجعا لسكان المنطقة الذين لا يعرفون اي شيء عن تاريخ قبيلتهم.

    Mohammed Bousraraf
    قديما كان العلماء يرجعون إلى مَواطن الوقائع ليتحروا الحقائق من عين المكان ، وهو ما تحقق لكم اليوم لما رجعتم للمرجع الأصلي الذي هو الوالدة . وبالتسجيل الصوتي تكتمل الوثيقة التاريخية.
    النص قريب إلى الرواية ذات الطابع التاريخي.
    المهم أن الإبداع حاضر. تحياتي سي أحمد.

    EL Moudden Ahmed
    في الحقيقة السي عبد الملك المشروع لزال قائما...المشكل الحقيقي الذي عانيت منه هو عدم التوفيق بين الكتابة في التاريخ ، و المواضبة في العمل ، فقد تسبب لي اعطائي الوقت الكثير للقراءة و الكتابة في التاريخ في مشاكل بالعمل نتيجة عدم تركيزي فيه...و قد تعرضت لتنبيه شفوي من المدير...كما أن الزوجة و الأبناء قدموا عريضة ضدي يتهمونني بالتفريط...المهم كانت خرجات علي بني زروال ...تحياتي لجميع الأصدقاء

    EL Hamzaoui Abdelmalik
    كان الله في عونك اخي احمد فعملك واسرتك هما الاولى . اما الكتابة فاتركها لوقت الغراغ والعطل. لقد ادمنا على قراءة ما تجود به قريحتك. بالتوفيق والنجاح في عملك والسعادة والهناء في ببتك . نحبك في الله.
    EL Motaki Souad
    عدت والعود احمد.و اخيرا عاد التيجاني الى قلمه الذي انتظرناه طويلا ،لعل المانع خيرا انشاء الله فنحن شغوفين بما تجود به ....داعين القدير عز وجل بالشفاء لوالدتك .تحياتي الخالصة

    EL Motaki Souad
    كنت اود ان اشاركك بحثك (و لو كمساعدة) حول تاريخ قبيلة بني زروال خصوصا في مجال دراستي الجامعية ولكن ظروف العمل الصعبة لم تتركلي خيارا .موفق داءما

    Abdelmalek Jazouli
    عليك بالصبر والجد نعم الطريق طويل وشاق ومليء بالشوك لكن لا بد من الوصول إن شاء الله
    حياك الله أخي المودن

    Mohamed El Aboudi
    تحية كبيرة لكم أستاذنا الجليل أحمد لمودن هكذا عهدناكم غزير الكتابة كاشف لتاريخ طاله النسيان اعانكم الله على مزيد من النبش والبحث في تاريخ قبيلتنا مزيدا من التألق والعطاء بالتوفيق والله المستعان

    Khadroun Mohamed
    تحية اخي احمد اانها طلة جميلة بطعم الابداع الراقي
    توحشناك قريبا سنرى في اقرب فرصة تتاح لنا في فاس

    Tahraoui Chakir
    تحياتي سي احمد موفق انشاء الله

    طارق حداد
    جميل الكتابة عن احداث ووقاءع بني زروال كتاريخ غير مدروك .فالنبش في الماضي مهم سواء كان مكتوب او شفهي وهو الاكثر شيوعا وتاسيسه وتاريخه اكيد سيغتي الشغوفين بتاريخ المنطقة
    تحية للاخ احمد على هذا العمل الادبي

    Med Alaloui
    والله إلا عيشتنا. معاك لحظة بلحظة شكرا لك اخي شكرا

    Ahmed Edardari ·
    Tahiyati

    Moatamid Khoudrani
    اكتب لا تقلل من شأنك انا من القراء و نشرت انا من المبتاعين

    Madloum Badreddine
    قمت ببحث سنة التخرج يتناول قبيلة بني زروال في فترة الاستعمار ويحتوي على شهادات حية و احداث لم يتناولها التاريخ المدرس اذا احتجت اي نسخة للاستعانة بها فاني اضع نفسي رهن اشارتك

    Mohamed Alwarda
    مشكور على التضحية سيدي أحمد. ..أنا أعجبتني النهاية فعلا رن الهاتف ليتوقف عن التسجيل دلالة على دلالات لفهم الرنين والوقف ...ولم تكن التلقائية بمحض الصدفة هنا؟

    Mohamed Ezghari
    عندما تغيب يكون مكانك فارغ وعندما تأتي يأتينا كل ما كنا نتمناه تحياتي لك السي أحمد

    ردحذف
  2. تحياتي للولدة في الحقيق هم المناضلون الحقيقيون وليس ما نسمع من المنابر الإعلامية من تزيف للواقع اي واحد كي دخول للحابس كي يسمواه مناضل،الاحزاب عامر عدنا بالحباسة واغلب هذ الاحزاب مملوكة لنفس السلالة (العائلة) نطلب من الله السلامة

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "