المعلمة النحيفة
قصة قصيرة بقلم المودن أحمد .
"شريفة شابة محظوظة "...كان هذا تعليق زوجتي " بديعة " على نجاح بنت جيراننا و هي تمني النفس بأن يكون لبناتنا نفس الحظ...
شريفة، تلك الشابة النحيفة ، وفقها الله في ولوج التعليم كمتعاقدة اختارت إقليم تاونات لتمارس مهامها هناك رغم أنها مزدادة بفاس وبها تسكن...
كانت فرحتنا وفرحة أهلها كبيرة فهي ستصبح " موظفة " رغم أنها لم تنهي دراستها الجامعية وهذا فيه نوع من التشجيع واﻹغراء لبناتنا...وكذا سنرتاح من صراخها وعصبيتها مع أفراد أسرتها لمدة عامين قابلة للتمديد والتجديد...
غابت عنا شريفة و قصدت إحدي القرى بتاونات...لكنها بعد مدة قصيرة عادت بوجه شاحب و عينين عليهما آثار بكاء حديث
...
عادت شريفة إلى فاس في وقت كنا بحاجة لمن يجيب عن سؤال حيرنا...
فقد قيل لنا أن " الدولة " ستعطي محفظات بها كل الكتب والدفاتر اللازمة لتلاميذ المستوى اﻷول، لكن مفاجئتنا كانت كبيرة حينما بدأت بنتي تأتيني كل يوم بورقة تدون عليها المعلمة إسم كتاب أو أداة من اﻷدوات المدرسية الناقصة...
اشترينا كل شيء دون تردد...لكن المفاجئات ستتوالى...
عادت بنتي حزينة وقالت أن المعلمة طلبت منها شراء كتاب غير هذا الذي اشتريناه...
كان المطلوب هو " كراسة الكتابة " كتابي " المستوى اﻷول...
والذي اقتنيناه هو " كراسة الكتابة المستوى اﻷول"
المشكلة إذن هي غياب كلمة " كتابي" !!!!
طفت على مجموعة من المكتبات دون جدوى ...الكل يمدني بنفس الكتاب الذي سبق أن اقتنيته!!!
عدت عند البائع اﻷول، أعدت له كتابه فرد لي نقودي...اشتريت بها على الفور كيلوغرامين تفاح و عنب و بقي بجيبي "الصرف".
عادت جارتنا شريفة فقررت طلب رأيها في النازلة، خاصة و أنها تُدَرِّسُ نفس المستوى، فأقسمَتْ بأغلظ اﻷيمان أنها لا تحفظ أسماء الكتب المقررة...و أنها حزينة جدا لأنها عُيِّنت بفرعية لا ماء فيها... و أن الناس يسقون الماء بالحمير، و أنها ستسكن ببيت من الطين...وأن حالة اﻷطفال تدعو للشفقة...ملابسهم وسخة وأرجلهم مغبرة... ووو...
نسيتُ هَمَّ الكتاب وسألتها عن نظرة الناس إليها، فابتسمَتْ وهي تحكي لي نادرة من نوادر الدوار:
فقد جاء ر جل بابنه للقسم، ولما دخل طاف ببصره في كل اتجاه ثم خرج...
قصد قسما آخر وسأل عن المعلمة شريفة فقالت له معلمة أخرى أن شريفة بقسمها...
عاد من جديد فوجدها قد لبست وزرتها البيضاء...فقال لها معتذرا :
" اسمحلي أبنتي والله معرفتك حسابلي حتى نتيا تلميذة "...
انتهى التفاح والعنب الذي اشتريته، و ضاع ثمن الكتاب في حين أن معلمة بنتي لم تجد حلا بعد...أما شريفة فقصدت مدينة صفرو لاستكمال تكوينها ...وطيلة هذه المدة سيبقى أبناء البادية بتاونات من دون معلم وسيغتنم أهلهم الفرصة ليستفيدوا من تجربتهم في سقي الماء بالحمير، مع استمتاع هؤلاء الأطفال بهواية ركوب هذه الدواب في انتظار عودة المعلمة " شريفة "...
وهذا هو المعنى الحقيقي للدخول المدرسي " الناجح "...
Ahmed Sennoun
ردحذفالنص.تصويري.معبر.الى.حد.الابداع.يتداخل..المكتوب.المتخيل.والواقع.في.صورة.ابداعية.مشوقة...لك.مني.اخي.المودن.المحبة.....
Khalid El Maalmi
ردحذفسلمت اناملك الصديق أحمد
وكان اللّٰه في عوننا في العيش في هذه البلاد السعيدة.
Mfadal El Atifi
ردحذفههه ضحكت ثم بكيت وبين الضحك والبكاء اسرار لا يعلمها الا الله وأهل بوادي تاونات
Ahmed Tahraoui
ردحذفالنص يتكلم عن الواقع المر الذي يعيشه ابنائنا في هذا البلد الحبيب تحية لك استاذي احمد
Rachid El Bakkaly
ردحذفلا احد يستحمل معانات قرى تاونات إلا ابناء تاونات
Mfadal El Atifi
ردحذفالتدوينة تجيب عن كثير من الاسئلة المحيرة . مودتي سي احمد