الصفحات

31‏/1‏/2019

خدعتني حبيبة

قصة قصيرة

بقلم أحمد المودن

حبيبة شابة ظريفة، بدوية تحمل جميع معالم الشقاء فوق جبينها، ورغم ذلك فهي تضحك و تبتسم لجيرانها كما يبتسم الورد للشوك...
ابتسمت لي حبيبة و هي تسمع شروطي في عملية بيع و شراء تتم ليلا على ضوء القمر:
- " اسمعي يا حبيبة أريد " ببية " سمينة، صغيرة السن، ليس ببطنها بيض، ولا هي "حضانة " فوقه...فعندي ضيوف كرام أسنانهم تتهشم لأبسط عضة..."
ابتسمت حبيبة و هي تقودني إلى شجرة تين ارتمت فوقها "دالية" فغطتها بالكامل، ثم سحبت كائنا أسودا يضرب بجناحيه و هي تقول:
- هذه "ببية " سمينة صغيرة تصلح للضيوف، لن تجد أفضل منها..."
جاء أصدقائي، فرحبت بهم بعدما عجزت سيارتهم عن الوصول إلى بيتنا، فالطريق عندنا لا تصلح سوى للدواب فقط...
تكلف أهلي بطهي " ببية " في حين خضنا نحن في السياسة...فتحدث بعضنا عن صدق نوايا الحزب الذي ينتمي اليه، واتهم البعض الآخر اﻷحزاب بأنها تبيع الوهم و تخدم مصلحتها فقط، في حين دافع أحدنا باستماتة عن كون بلدنا به أشخاص وليس به أحزاب...
أما أنا فكل ما كان يشغل بالي هو " ببية "...فقد أثارني غياب الريش من بطنها، ولولا ابتسامة حبيبة لما كنت ذبحتها...
حمل أهلي العشاء للضيوف، أكلوا البصل ليزيحوا الغطاء عن " ببية " كان لحمها أسودا، و عظامها تكفي لتشييد قنطرة ببوادينا المعزولة...
كنت في كل مرة أنظر لفم صديقي خالد، فأحسب أسنانه، ثم أحمد الله أنها في مكانها ثابتة...
عجزت عن إزالة جلد يكسو فخدا، فاستعنت بالأنياب...كنت أحاول تشجيع المجموعة على اﻷكل رغم اهتزاز أسناني...
المفضل يلحس اللحم بلسانه و كأنه يتغزل به، و محمد يستعين بالمشروبات الغازية لهضم ما ابتلعه...أما باقي البدويين فكانوا أكثر شراسة...
سألت إحدى النساء عن " ببية " فقالت لي ساخرة :
-"أتقصد جدتك ؟!"
خدعتني حبيبة إذن...و لأخرج نفسي من الورطة قررت أن أقول لضيوفي أنني إنما أردت أن أعطيهم مثالا واقعيا عن اﻷحزاب ببلادنا...فكلهم في اعتقادي يشبهون حبيبة...
وقفت عند الباب لأعبر لهم عن هذا اﻹحساس، فوجدت أغلبهم يغط في نوم عميق...و حده المفضل كان يسمع كلامي ويدافع عن نفسه ومبادئه...كنت أتمنى أن يحصل نفس الشيء مع الجميع...فدفاعهم عن نفسهم يجعلني بمنأى عن هجومهم...
بعد يومين من لقائنا تجرأ أحدهم وقال :
-" بطني تؤلمني...أعتقد أن " ببية " هي السبب..."
فقلت له كما قال رئيس حزب معروف:
" شباع الفرخين لحام ، يقولولك د الحمير " ...
و هكذا قالت لي حبيبة حينما عاتبتها...ووعدتني بأن تبيع لي زيتا."بلدية " خالصة في المرة القادمة...

التعاليق حول النص هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "