الصفحات

28‏/1‏/2019

القفص المفتوح

قصة قصيرة للأطفال

بقلم المودن أحمد .

السماء صافية، والشمس بكبد السماء، فصل الشتاء يستعد للرحيل فاتحا المجال لفصل الربيع بخضرته ...
عند مدخل الحي لاحظ أحمد أطفالا صغارا متجمهرين حول شيء ما...دفعه فضوله ليستكشف الأمر، ففوجئ بطفل يبيع طائرا داخل قفص...
سأل الطفل ذي السبع سنوات عن الطائر، هل هو للبيع ، فأجاب الطفل بالإيجاب قائلا:
- نعم يا عم ، إني أبيعه بقفصه و الثمن عشرون درهما...
قاطعه أحمد قائلا:
- سأعطيك خمسة عشر درهما، هل تبيعه لي؟
تردد الطفل ثم قبل بالثمن...
حمل أحمد القفص لبيته ليفاجئ برفض زوجته للطائر بدعوى أنه قد يقضي حاجته فوق الفراش أو ....
أقنعها بصعوبة أنه سيشتري له قفصا جديدا وكبيرا ، و أنه سيطلق سراحه بمجرد أن يصبح قادرا على الطيران...
كان الطائر في حالة يرثى لها...ريش منتوف، و منقار وسخ و عينان غائرتان...كما أنه صنف غير معروف لديه..
تكلف صحبة بناته بنظافته وتوفير مأكله و مشربه، لتبدأ قصة حب ووفاء لا مثيل لها، فقد أصبح أحمد وأطفاله يحملونه فوق أيديهم و أكتافهم ، بعدما يخرجونه من قفصه، إلى درجة لم يعد يلج القفص إلا ليلا...بل حتى زوجته أحبت الطائر ولم تعد تحتج على قضاء حاجته حيثما شاء...
اختارو له إسما جميلا، فأصبحوا ينادونه به...استأنس بهم و استأنسوا به، فأطلق صوته الجميل مزقزقا و كأنه يعبر عن سعادته بحريته...نعم لقد كبر ريشه بعد شهرين، فتم فتح القفص وفتح النوافذ وكان القرار الصعب، وكأنهم يقولون له : " أنت الآن حر...إن شئت
أن ترحل فالمسلك مفتوح، وإن شئت أن تبقى فالبيت بيتك".
خرج الطائر من القفص...طار فوق الفراش ...ثم صعد فوق التلفاز ...ثم إلى شباك النافذة، بدأ ينقي ريشه، ينظر للخارج ثم للداخل...الأطفال يبكون في صمت...كان الجميع حزينا، فالفراق صعب...
ثم طار العصفور الجميل وحط فوق قفصه...ثم دخل إليه...أكل وشرب ...ثم خرج ...ليصعد فوق القفص، أمام دهشة الأطفال و سعادتهم...
من يومها أصبح الطائر فردا من أفراد الأسرة يقضي معظم وقته فوق أكتافهم و أناملهم، يغنون له و يغرد لهم، لتستمر قصة حبهم ووفائهم المتبادلان...ولم يعكر صفو سعادتهم سوى حديث الأب الصارم :
- اسمعوا يا أبنائي مكان هذا الطائر الطبيعي ليس بالقفص أو المنزل ، بل فوق الأشجار ...فهو بحاجة لزوج أو زوجة ، بل و من حقه أن يكون له فراخ...فاستعدوا ليوم سأحمله معي لموطنه الطبيعي ولن يعود عندنا أبدا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "