الصفحات

5‏/4‏/2016

قصة قصيرة : " ليلة في ضيافة الشيطان "

قصة قصيرة  بقلم أحمد المودن

بعنوان " ليلة في ضيافة الشيطان "


احميدو رجل أربعيني طيب، متزوج وله أبناء ، يحب زوجته كثيرا، عيبه الوحيد هو كسله في أداء الصلاة...يجمع ظهرها بعصرها و مغربها بعشائها، بل و قد يجمع صلاة يوم كامل لينقرها نقرا عند حلول الظلام...
يوم البارحة أحس احميدو بعياء و تعب فقرر النوم من دون أداء صلاة العشاء...
نام على جانبه الأيسر ، كي لا يحتضن زوجته كعادته...فهو لا رغبة له في ضجيجها و خطبها المتكررة حول تارك الصلاة و ما قاله الشيخ الفلاني و الفقيه الفلاني ...
غاب احميدو عن الوجود بعد أن لف رأسه ببطانية أعطته دفئا و ظلاما، ليغرق في أحلام مزعجة تخللها قدوم رجل له قرنين يضحك ضحكة الشماتة، فسأله احميدو :
_ من أنت يا هذا و ما ذا تريد مني؟
فأجابه مبتسما و هو يطرد دخانا أسودا يخرج من فمه:
_ أنا الذي حزنت لحالك وأنا أراك متعبا ، فنصحتك بتأجيل صلاة العشاء إلى الصبح...فأنا أرفق بالكسالى و أحب لهم الخير كثيرا...و لعلمك فقط فقد جئتك بأخبار قد تعجبك...و لكن شريطة ألا تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، مفهوم؟!
استغرب احميدو من طلاقة لسان الرجل الناصح و شروطه فرد عليه :
_ و أي أخبار تقصد ؟
فقال له صاحب القرنين :
أتدري ماذا فعل أخوك بالبلدة ؟ لقد غير الحدود التي رسمتموها معا...إنه يريد أن يستولي على أرضك مغتنما فرصة غيابك ....
أما أخوك الآخر ، ذاك الرقيق الذي يقطر سما، فلا تصدق مداومته على أداء الصلاة في المسجد...إنه يشاهد أفلام الجنس في هاتفه...
سكت الرجل قليلا ثم انصرف ليعود بمجمر مليء بالفحم ثم جلس عليه...فسأله احميدوا مشفقا عليه:
_ ماذا تفعل يا هذا ؟ أتريد أن تحرق مؤخرتك؟
_ لا تخف فأنا أتدرب ليوم لن أخرج من النار أبدا، و لهذا فأنا أريد أن أنقذ أكبر قدر ممكن من البشر ...
يجيب الرجل ذو القرنين و هو يحرق جسده بالجمر...ثم يلتفت لاحميدو قائلا :
_ ألاحظ أنك تحس بالبرد رغم بطانيتك، هيا اجلس قليلا على هذا " المجمر " لتتدفأ و تعرف ما ينتظرك...
لم يتردد احميدو في الجلوس على الجمر الوهاج ليحرق نصف مؤخرته في ثانية واحدة و يقفز هاربا و هو يقول :
_ اياياي و كأني بها شرارة من نار جهنم و قانا الله منها...
ثم يعود الرجل الناري ذي القرنين إلى نصائحه و أخباره:
_ اسمع يا هذا، احذر من جارك فهو لا يغض بصره عند رؤيته لزوجتك، و يعلم الله ماذا يدور في رأسه...
استغرب احميدو كيف أن هذا الرجل العجيب يعرف كل صغيرة و كبيرة عنه...بل أنه يعرف أخبار السياسيين أيضا ...فقد أخبره أنه له أصدقاء ضمنوا مقعدهم بجهنم و هم يتدربون في الدنيا على لهيبها و ذنبهم أنهم التهموا الملايير و بنوا فيلات و عمارات و كتبوها في إسم زوجاتهم، بل و منهم من قهر الناس بالزيادات و الضرائب...و منهم من يحب الرشوة حبا جما، وآخرون منافقون يكذبون على الناس في الإنتخابات و يعطون و عودا لا يفون بها..وووووووووووووووووووو........
سئم احميدو من كلام الرجل الناري و أخباره عن المسؤولين...فهو لا يهتم بالسياسة، بل سمع صوت آذان بعيد، فهم بالقيام ، ولكن الشيطان أغلق مسامعه و غطاه جيدا بالبطانية ثم أكمل ليتحدث عن أقرب الناس إليه قائلا:
_ أتدري أين تذهب زوجتك لما تنام أنت يا مسكين؟ إنها تذهب عند الفقيه لتجلب لك سحرا...إنك مسحور، وقد أعطتك أذن حمار في الأكل...و هي في هذه اللحظة عند الفقيه ، انظر هناك لتراها بأم عينك ...
نظر احميدو الى حيث أشار الشيطان فرآى زوجته تمد للفقيه مالا مقابل "حجاب " فانتفض و قام من نومه ...بحث عن زوجته على السرير ، فلم يجدها...ثم انتقل إلى الغرفة المجاورة باحثا ، ليجد زوجته تصلي الفجر...فنظرت إليه و هي تقول :
_ لقد تركت لك ماء دافئا إذا أردت أن تتوضأ لتصلي الفجر ...
طأطأ احميدو رأسه و هو يلعن الشيطان، ثم حمل إناء الماء و قصد مكان الوضوء...
ومن يومها قرر احميدو ألا يترك صلاته و ألا يجمعها و أن يقول " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " كلما وسوس الشيطان في صدره .
مع تحيات صديقكم المودن أحمد من تاونات
#‏أحمدالمودن
 

                                                                                

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "