الصفحات

30‏/4‏/2016

فلوسي...فلوسي، أو حينما يصطدم الجبلي بحماته.

فلوسي...فلوسي، أو حينما يصطدم الجبلي بحماته.

بقلم المودن أحمد من ودكة بني زروال تاونات.


سمع التجاني دقا على بابه...سأل عن الطارق فإذا هو " ولد المغانة " جاء يطلب وساطة التجاني لحل مشكلته مع  زوجته " طاهرة "...كان المسكين "مكربشا"،مقطع الثياب، ينطبق عليه المثل الشعبي " أدقول فلث للطيور"...
طلب التجاني من زوجته نبيلة مرافقته الى دار " ولد المغانة " لمحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه...
ولد المغانة شاب عنيد جدا اشتهر بعناده منذ طفولته...لذا لقبه أصدقاءه بهذا اللقب الطريف...تزوج بطاهرة في أواخر الثمانينات بالبادية حيث كان راعيا للماشية بها...وبعد سنتين من زواجه هاجر إلى مدينة فاس...اكترى بيتا صغيرا بأحد أحيائها الهامشية، ثم اشترى عربة يطوف بها المدينة يوميا ليبيع الخضر...
كان أكبر مشكل يعاني منه هو مطاردة القوات المساعدة له...ولكن رغم ذلك فقد كان يحصل على مدخول يومي محترم سمح له بأداء الكراء و نصيبه من استهلاك الماء و الضوء...و الباقي كانت طاهرة تتكلف بجمعه ل" دواير الزمان"...رزق ولد المغانة بطفلة ثم بثانية ثم بولد...غير مسكنه مرارا...درس اﻷبناء و البنات...وكافح إلى أن حصلت الكبيرة منهن على شهادة الباكالوريا...
لم يعد نصف الشقة يكفي للأسرة التي أصبحت تتكون من خمسة أبناء، وأب و أم ينامان غير بعيد عن عيون اﻷطفال...
كانت الأمور تسير على أحسن ما يرام رغم بعض المشاكل البسيطة التي لا يكاد يخلو منها أي بيت...
ذات يوم اقترحت الطاهرة على ولد المغانة فكرة شراء شقة صغيرة...وافق الزوج على الفور فقد أنهكه الكراء و الرهن...ولكن المشكل الذي صادفهم هو عدم كفاية ما جمعوه من نقود لشراء الشقة...
اقترحت الزوجة أن تطلب قرضا من أمها، فأكيد لن ترفض طلبهم، خاصة و أن ولد المغانة له مرتبة خاصة عند حماته "أمي السعدية" ...
وفعلا كان له ما أراد فقد توصل بالمبلغ ثم اشترى شقة..بل و غير مهنته ليعمل مساعدا لرصاص ثم حارسا ليليا لإحدى الإقامات ثم مياوما...ثم عاطلا عن العمل...
وبدأت شكوك الزوجة تكبر يوما بعد يوم...إذ أصبحت تتهم الزوج بأنه يخبأ النقود بالبنك على غير عادته!!!
ثم جاءت أمي السعدية تريد نقودها فاعتذر لها بكونه يعمل يوما و يجلس يومين...وقد كان هذا الرفض بمثابة إعلان للحرب...
بدأت الحرب "بالمعيور" لتنتقل للتشابك باﻷيدي...ثم الضرب المبرح ثم "الكوميسارية"...
حاول الزوج طرد زوجته من المنزل فقالت له : " اخرج أنت إنها دار أمي..."
كان الزوجان يتخاصمان أمام أعين اﻷبناء و الحماة...لتتدخل الفتاتان ذات يوم لمساندة أمهما فأكل ولد المغانة ما يأكل الحمار...بل أنهن جاهدن فيه بالعصي و اﻷظافر ليرسلوه عند التجاني "مكربشا مدغدغا " وكأنه "فلت للطيور"
ذهب التجاني صحبة زوجته الى حيث يسكن "ولد المغانة"...وعند وصولهم،طلب من الزوج البقاء في الخارج كي لا يفسد عملية إصلاح ذات البين...
وبداخل المنزل كان الكل مستعدا بعصاه معتقدين أنه الزوج جاء مهاجما...استعمل التجاني كل دهائه لتلطيف الجو و أقنع الفتاتين أن ما فعلا يعتبر عقوقا للوالدين...فبكيتا...كما ساهمت زوجة التجاني في تهدئة الزوجة...ثم تم النداء على الزوج...و بعد ثلاث ساعات من اﻷخذ و الرد ، عقد الصلح...
قام التجاني مودعا ليفاجأ بأمي السعدية تفسد كل شيء صارخة بأعلى صوتها :" فلوسي... فلوسي...أنا بغيا فلوسي..."
لتبدأ الحرب من جديد...تدخل الجيران و المارة...
فتسلل التجاني وزوجته فارين حتى لا يصابا بإبريق طائش أو يد مهراز من دون طيار...
بعد أيام قالت نبيلة لزوجها التجاني :
- ما رأيك يا عزيزي لو بعنا منزلنا و اشترينا منزلا جديدا أكبر من هذا؟
فأجابها مستفسرا: " و لكن ثمن منزلنا لن يكفي لشراء منزل أكبر...

فقاطعته :
- لا تشغل نفسك سأطلب من أبي أن يقرضنا...
ليقف التجاني بعدما كان جالسا و هو يقول :
-شوف الله يرحم الوالدين أنا مفيا ميتكربش من وجهي وما عندي صحة باش نكول الزلاط ..."
فتبادلا الإبتسامة و حمدا الله على منزلهما المتواضع...
ملحوظة :
_ المغنان أو المغانن أو المعكس = العنيد المتشبث برأيه حتى وإن لم يكن على صواب.
_ كربش = خدش بالأظافر.
_ فلث للطيور = ؟؟؟



                                                         

هناك 28 تعليقًا:

  1. غير معرف2/5/16

    Mfadal El Atifi
    ...
    تبحر وتغوص في اعماق المجتمع ومشاكله واحداثه مما يعطي لقصصك نكهة خاصة. تحية من الاعماق وفقك الله ودمت متالقا

    ردحذف
  2. غير معرف2/5/16

    Rachid El Janati
    ...
    جزاك الله خيرا على هذا الموضوع

    ردحذف
  3. غير معرف2/5/16

    Abdellah Asfoury
    ...
    تحية ود وتقدير سي احمد.
    اعتذر عن عدم مواكبتي بالتعليق ، لكن تيقن انك فعلا تمتعنا والله

    ردحذف
  4. غير معرف2/5/16

    Salah Rabouli
    ...
    قصة ممتعة وشيقة وواقعية حياك الله استادنا الكبير

    ردحذف
  5. غير معرف2/5/16

    Khadroun Mohamed
    ...
    النسبية و اجرك على الله

    ردحذف
  6. غير معرف2/5/16

    Med Boubaani
    ...
    قصصك ممتعة وتعالج مشاكل حقيقية سي أحمد واصل وفقكم الله

    ردحذف
  7. غير معرف2/5/16

    Hamid EL Kahcha
    ...
    قصة في المستوى . اتخذت من الواقع الجبلي منبعا . ومن ثقافته وتراثه سراجا ومن تجارب الاخرين منهاجا. حييت , مزيدا من العطاء.

    ردحذف
  8. غير معرف2/5/16

    Imad Elyoussfi
    ...
    قصة شيقة وتناول الوقع

    ردحذف
  9. غير معرف2/5/16

    Khalid EL Maalmi
    Khalid EL Maalmi
    ...
    روعهههههه سي أحمد
    ... ولد ... ليطمع فمتاع المرا .
    او المكسي بمتاع ناس عريان.

    ردحذف
  10. عبد الله2/5/16

    لا يقوم بهذا الوصف الأ دو نضر ثاقب وموهبه كذالك تحياتي

    ردحذف
  11. غير معرف2/5/16

    انس القاسمي
    ...
    ههه لاحول ولا قوة الا بالله

    ردحذف
  12. غير معرف2/5/16

    Abdelfadil Grimet
    ...
    قصة تصلح أن تكون فيلما سينمائيا،يختلط فيها ما هو درامي بما هو كوميدي في قالب حكوي جميل.تحياتي.

    ردحذف
  13. غير معرف2/5/16

    Mohamed Berrada
    ...
    هههههههه قصة رائعة وفعلا تنطبق عليه المقولة "تقول فلت لطيور" ههههه

    ردحذف
  14. غير معرف2/5/16

    Adnane Merezak
    ...
    ههههه قصة واقعية بأسلوب مشوق....للأسف الشديد هذا هو الواقع المرير.

    ردحذف
  15. غير معرف2/5/16

    عثمان شيبو
    ...
    قصة جميلة يااخي احمد مزيدا من التألق والعطاء

    ردحذف
  16. غير معرف2/5/16

    Hamid EL Kahcha
    ...
    قصة في المستوى . اتخذت من الواقع الجبلي منبعا . ومن ثقافته وتراثه سراجا ومن تجارب الاخرين منهاجا. حييت , مزيدا من العطاء.

    ردحذف
  17. غير معرف2/5/16

    تينزةادريس تاونات
    ...
    النساء ضلعة عوجة

    ردحذف
  18. غير معرف2/5/16

    طلال أحمد
    ...
    حلو ورررررائع لقيت صعوبة في فهم بعض الكلمات بس عنجد ررررررررروعة وانا بنتظر وعدك بقصتك التانية خيو مشكوررررررررررر

    ردحذف
  19. غير معرف2/5/16

    EL Motaki Souad
    ...
    jamaliat ssoura tajalo lkarie yaicho ahdatha lkissat bibasata khousousan maa istiemal kalimat khassat jidan <jblia mahda< touetaiha nakhat khassat yarit nouhafid ala hadihi lkalimat mina lindithar

    ردحذف
  20. غير معرف2/5/16

    Taimae Time
    ...
    قصة جميلة ذات معنى

    ردحذف
  21. غير معرف2/5/16

    Anis El Meouaddene
    ...
    يد مهراز بدون طيار هههههه يالك من عبقري العصر

    ردحذف
  22. غير معرف2/5/16

    Yassin Yassin
    ...
    أتقول فلث للطيور

    هههههههههههههه
    رائع أستاذ أحمد
    تستحق كل تقدير والله

    ردحذف
  23. غير معرف2/5/16

    Hakima El Ouali
    ...
    قلة العقل وعدم الرضى بما قسم الله تفسد الحياة الزوجية الله يعطينا القناعة

    ردحذف
  24. غير معرف2/5/16

    Merizak Abdelghani
    ...
    أسلوب راااااااائع. جدا

    ردحذف
  25. غير معرف2/5/16

    Saradia Milezou
    ...
    روعة تبارك الله عليك

    ردحذف
  26. غير معرف2/5/16

    Nordin Nordin
    ...
    قصة معبرة ."الفلوس" والطمع في التغيير للاحسن ..اللهم ارزقنا القناعة .

    ردحذف
  27. غير معرف2/5/16

    Abderrahman Merizak
    ...
    القناعة كنز لت يفنى جميل جدا سي احمد

    ردحذف
  28. غير معرف2/5/16

    Ab Do Abdo
    ...
    ههههه قصة رائعة ومعبرة فمن هنا يأخذ الانسان العبرة ."المكسي بمتاع الناس عريان " والحمد لله الطائرة بدون طيار لم تصب التجاني وإلا كانت ستخلف دمار شامل هههههه . الله يعطيك الصحة على الصورة المرافقة فهي تكمل محتوى القصة ههههه

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "