بوادي غفساي و كهرباء الفقراء - قصة واقعية -
بقلم المودن أحمد من المشاع بغفساي
لامني إخواني و قالوا لي معاتبين:_ لما لا تقضي العيد معنا، فالهواء نقي و الخضرة دائمة و الماء عذب زلل...؟!
اعتذرت لهم بدعوى أن زوجتي تهوى أكل اللحم على دفعات...فنحن في المدينة نضع اللحم بالمجمد، و نأكله بالتقسيط ، إلى درجة قد تصل مدة الإحتفاظ بلحم العيد شهورا عدة...
طمئنوني و قالوا:
_ لا تقلق، زرنا و معك خروفك...سنذبح خرافنا في أيام العيد الأولى...أما خروفك فسيتم ذبحه في اليوم الثالث من العيد، و هكذا يمكننا أن نحتفظ لك بثلثيه في الثلاجة ، ثم خذه معك، و هكذا نكون قد أرضينا زوجتك، و جمعنا الشمل...
أعجبتني الفكرة، فحملت أفراد أسرتي الصغيرة و الخروف و قصدت الدوار ...
كان الخروف ينظر الي باستغراب و لسان حاله يقول بعد كل هبوط في حفرة :" الله يخود فيك الحق علاش جايبني لهاد الأرض".
وصلت أخيرا بعدما أكملت عد الحفرة التسعة و التسعين بعد المائة ...و قد كان بداخي سؤال واحد:" أهذا الجزء من الوطن ينتمي فعلا إلى المغرب؟...اخشى أن أكون قد أخطأت في الطريق ، و أني الآن في موريطانيا مثلا أو أي بقعة لا يتقن مسؤولوها تعبيد الطرق...
جاء العيد...و ذبحنا خرافهم...فهاجمنا على الفرائس كأسود جائعة، و قد كان اللحم فطورنا و غذاءنا و عشاءنا...
ثم جاء اليوم الثالث، فذبحنا خروفي ...ليلتزم الأهل بوضع ثلثيه بالثلاجة، على أساس أن أعود باللحم المخزون إلى المدينة كي أرضي زوجتي...
أثار انتباهي شيئ غريب لا عهد لي به بالمدينة...فالتيار الكهربائي ضعيف جدا...مصابيح خجولة...الثلاجة لا تعمل إلا بعد العاشرة ليلا...التلفزة تنطفئ من تلقاء نفسها و تختم ارسالها بخيط ابيض يتوسطها...و كأنها تستغيث مطالبة بإقفالها إلى ما بعد فترة الذروة!!!
و حدثت الفاجعة...سقطت الأم مغمى عليها...لقد أفرطت في أكل اللحم...تم نقلها على مراحل من الدوار إلى مستشفى غفساي إلى فاس ...ليكون مصيرها الشلل النصفي ...
عاتبونا بمصحة بفاس على تأخر اسعافها...ففسرنا لهم أننا نسكن بأرض تنتمي للمغرب الغير النافع...فأكرمونا بعشرة آلاف درهم غرامة لمبيت أمي بالمغرب النافع ، و هي جريمة يعاقب عليها القانون طبعا!
عدت إلى الدوار لنقل الزوجة و الأبناء، و ما تبقى من الخروف بالثلاجة...فكانت المفاجئة ...روائح تزكم الأنوف و ذباب كثيف حول باب الثلاجة في اعتصام مفتوح يطالب بالغنيمة...
ضاع الخروف نتيجة الكهرباء، و ضاع نصف أمي نتيجة عدم و جود إسعافات أولية أو مستوصف بالدوار، و عدم قيام مستشفى غفساي بدور آخر غير بعث المرضى إلى فاس...
عدت حزينا إلى المدينة بسبب إعاقة أمي...و زاد حزني حينما اقتحم دخان شوايات الجيران باب منزلنا لتلومني زوجتي كثيرا...بل كرهت حتى مسقط رأسي فكان ذاك آخر عيد لها بالدوار...أما أنا فقد و جدت حلا وسطا: أشتري الخروف لزوجتي بالمدينة، و أسافر لقضاء العيد ببلدتي ، فقد سمعت أنه بسبب الكهرباء الضعيفة ، يضطر سكان الدوار لأكل أضحيتهم بأقصى سرعة ، تماما كما تفعل الذئاب بفريستها...و قريبا ستصاب الذئاب بتأثيرات ارتفاع الكولسترول بالدم، لتصاب بالشلل النصفي كما حصل لأمي...
و على ما يبدو فإن المخزن ذكي جدا، إلى درجة أنه يقلل من قوة الكهرباء لتنطفئ أجهزة التبريد فيأكل البدويون لحمهم دفعة واحدة فيصابون بالشلل النصفي ، وهكذا يسهل القبض على المحكوم عليهم غيابيا!!!
Mohamed Nassiry
ردحذفقصة راءعة في قلب كوميدي كالعادة لكنها تحكي الكثير من المعانات التي نعانها في هذه المناطق الموجودة كما قلت في المغرب الغير النافع
Oussama Dadi
ردحذفاين ذهبت الملايير
Mfadal El Atifi
ردحذفالقصة تجمع كل مصائب باديتنا، حتى العيد لم يعد عيدا
لا حول ولا فوة إلا بالله
بادبتنا مصابة بالشلل النصفي وهذا واقع مع الأسف، انها الحقيقة المرة ولا بمكن التستر علبها او إخفاءها
ان تصاب في أغلى عزيز عليك يفقدك فعلا رابطة الانتماء
Madridi Htalmout Alabyad
ردحذفالحقيقة المرة (الله يخذ الحق منهم )
Mfadal El Atifi
ردحذفاعرف شخصا ينتمي لباديتنا كان مصابا بداء السكري، افرط في اكل اللحم حتى اغمي عليه، نقل إلى إحدى المصحات بفاس قضى الليلة هناك ولما استفاق وجد فاتورة مغلقة(لام مشددة) حتى هي فاغمي عليه من جديد وبعد ساعات لقي حتفه لكن ذلك لم يعفيه من أداء الفاتورة
Abdessalam Sabry
ردحذفكم انت رائع يا أستاذي انك مفخرة لنا (خلتي الله يشافيها ويعافيها)
خالد التسير
ردحذفالمحن ثم المحن كلمات مرسومة على جبين بني زروال
Ali Remmah
ردحذفحتى انت راس المحاين بحالي أسي احمد.
Mustapha Jabli
ردحذفانك تضرب على الوتر الحساس وتناقش الواقع بقالب سخري ممتاز ومنطقتنا للاسف منطقة غير النافع في المغرب الغير النافع المعضلة مضاعفة
Abdellah Moulalbab
ردحذفقصة جميلة و مشوقة يا ابن دوار المشاع ، سلم لي على أهل الدوار واحدا واحدا
فتلك الارض و وكل مناطق جبالة رغم تأفف سكانها تبقى عظيمة
Nordin Nordin
ردحذف(الوالدة الله يشافيها ويعافيها. ) اما في يخص المو ضوع الذي طرحته فهو السبب الرءيسي في عزوف اغلبية المهاجرين الجبليين من مختلف الشراءح من القدوم الى هذه البلاد .اضافة الى عواءق اخرى ....
Hakima El Ouali
ردحذفالله يشافيها قضاء وقدر والله ياخد فيهم الحق
Mohammed Bousraraf
ردحذفمشاكل البادية لا تنتهي.
البادية جميلة لو لقيت العناية اللائقة.
Abderrahman Merizak
ردحذفواقع مرير فعلا سي احمد نتمنى الشفاء للوالدة
Abdessalam Sabry
ردحذفكم انت رائع يا أستاذي انك مفخرة لنا (خلتي الله يشافيها ويعافيها)
EL Motaki Souad
ردحذفقصة حزينة وواقع مؤلم تدمى له القلوب ، فكم من مريض في هذه المنطقة انقلبت حياته راسا على عقب نتيجة تاخر الاسعافات المنعدمة هنا البتة وهذا ناتج عن اهمال المنطقة بشكل كامل و على كل المستويات ،فالصبر يا اخي على ما ابتلينا به و ارجو من الله ان يشفيلك الوالدة و تقر عينا بها ، سردك للقصة رائع ، معاناة وضحك في نفس الوقت ، احداث مركبة ذات طابع تراجيدي من صميم الواقع ، من ابداع لابداع ، بالتوفيق انشاء الله
Mohammad Hannou
ردحذفالقصةمؤلمة وقاسية لما قراتهاتذكرت قصةمثلها دمرت مستقبل وحيات حوالي تسعة اسر عن ءاخرهم الى اﻻبد بسبب اهمال المنطقة من توفير مستشفى يوفر الحد اﻻدنى من انقاذ اﻻرواح البشرية بغفساي الحادثة اسفرت عن موت امراة بمستوصف غفساى بالوﻻدة ماتت هى والمولود وبقى الزوج وعائلته ضحية لهاذه الوفات ﻻن المتوفية كانت متزوجة بابن زوج اختها يعنى ربيب اختها لما ماتت بعسر الوﻻدة بدات العداوة والحرب بين زوجت اﻻب واوﻻه من الزوجة اﻻ لى ثم انتقلت العداوة بين ابناء الزوجة الثانية والعداوة واعﻻن الحرب من ز جة اﻻب التى توفت اختها وانتقمت من الجميع والقصة طويلة ومعروفة بدوار تسلة دائرة غفساي