الصفحات

11‏/11‏/2016

التجاني و البوطاغاز

مذكرات التجاني - حلقة مستدركة -

" التجاني و البوطاغاز "

بقلم المودن أحمد

عاد التجاني إلى المنزل منهوك القوى، فقد كان المفضل قاسيا و هو يوجه له ركلاته في أقسى لعبة يمارسها الأطفال فيما بينهم...إنها " ركيلة "...
انتظر عودة أبيه من سوق أحد بني زروال، لكنه تأخر كثيرا ...و ما أن أذن الفقيه السي أحمد لصلاة العشاء حتى كان مكان النوم جاهزا...بطانية مفروشة على الأرض و أخرى كغطاء رغم برودة الجو ...وحده الشيميني يبعث بدفئه لمن حوله...التحق الأطفال بأماكنهم، في حين بقيت الأم تنتظر عودة الزوج من السوق...
وأخيرا نبحت الكلبة...نباحها القصير يعني أن القادم من الأهل...و فعلا جاء الأب...قام الأطفال وهم يصرخون :
- بابا جا...بابا جا...
تم انزال " الشواري "  عن البغلة ، ليحمل كل طفل شيئا من المشتريات ...أرگاز ...السردين...الحلوى بالقرابط...ملابس مستعملة ..." كوردة " و سكة للحرث...ثم قارورة زرقاء غريبة لا عهد للأسرة بها....
حمل التجاني القارورة ليقرأ حروفا كتبت عليها: بوطا غاز !
طلب الأب من الأطفال التنحي جانبا، في حين تكلفت الزوجة بقلي الحوت...
دفأ الأب أنامله الباردة ثم قام ليركب رأس البوطاغاز ...و بين الفنة و الأخرى كان يضيف الحطب للمدفئة...
أعناق الأطفال تشرئب لترى هذا الشيء العجيب الذي تفوح منه رائحة الغاز رغم تركيب الرأس بمكانه...طلب الأب من الزوجة أن تأتيه بصندوق الوقيد الذي أشعلت به الكانون، ففعلت ثم جلست بقرب الزوج لتكتشف طريقة الإستعمال...
فجأة امتدت النار لأسفل " الكسكاس " ...فصرخ الجميع ...كانت صرخة الأم صادمة للتجاني و إخوانه:
- والعداو أعباد الله البوطة بدطرطق فينا ....
قذف الأب قنينة الغاز إلى " المستحام " لكنها ظلت مشتعلة ...أفرغ عليها الماء فلم تخمد نارها...
في هذه اللحظات كانت الأم تحمل أبناءها إلى الخارج الواحد تلو الآخر ...في حين كان الأب يجرب كل شيء...
وجد التجاني نفسه ملقى به في " أمجري " و بجانبه المجاهد والحساين و كانهم قد ألفي بهم من الطائرة...
عادت الأم بعد رمي آخر طفل بالخارج لتجد زوجها يبتسم وهو يمسك بالقنينة ملفوفة في بطانية مصنوعة من الصوف...
أحكم إغلاقها من جديد ، ثم طلب من زوجته صندوق الوقيد، ولكن الأخيرة " أنزلت عليه العار " طالبة منه تأجيل إشعالها إلى يوم غد...
نام الجميع بالداخل...وحدها قنينة الغاز قضت الليل بالخارج...في حين كان التجاني يستغرب لشجاعة أبيه...متسائلا صحبة اخوانه عن مصير السمك الذي لم يتم قَلْيُه بعد...

وإلى مذكرة قادمة بحول الله.
مع تحيات المودن أحمد من المشاع بغفساي.
  
                                                                          

هناك 22 تعليقًا:

  1. غير معرف11/11/16

    Chafik Laaboudi
    أكيد طافت القطط على كل السمك فاصبح كالسريم

    ردحذف
  2. غير معرف11/11/16

    Abdellah Moulalbab
    تعامل اهل البادية مع كل جديد غالبا ما تنتج عنه احداث مضحكة تصبح مع تكرار قصها من النوادر

    ردحذف
  3. غير معرف11/11/16

    Ez-zghari Khalid
    شكرا الاخ احمد على القصة الرائعة. انها من صلب الواقع.

    ردحذف
  4. غير معرف11/11/16

    Elwarfi Ali
    هيا ابقيتو بلا غطاء البطانية اتحرقات شكرا اسي احمد على هاده القصة الله يرحم الواليد والله اشافي الوالدة عمتي المراة الحنونة

    ردحذف
  5. غير معرف11/11/16

    Abdelhak Ettaki
    شكرًا ذكريات الطفولة لعبة ركيلةً

    ردحذف
  6. غير معرف11/11/16

    Saradia Milezou
    الحمد لله خرجت طريفة يخلفلم الله ف السمك

    ردحذف
  7. غير معرف11/11/16

    Abdelfadil Grimet
    ههه.السردين أكلته القطط

    ردحذف
  8. غير معرف11/11/16

    Pedro Wodka
    نشكرك على إمتاعنا بهذه المذكرات التي تنبش في عمق التاريخ المعاش بالبادية

    ردحذف
  9. غير معرف11/11/16

    Mahjoub Rouhi
    رغم البساطة تجد نفسك متلهفا لقراءة قصصك لا تفوتني مدكراتك

    ردحذف
  10. غير معرف11/11/16

    EL Hamzaoui Abdelmalik
    فعلا حياة ابناء البوادي تتشابه. فكل منا عاش تجربة انتظار رجوع الاب من السوق.فهو يوم مميز حيث تنبعث راءحة السمك المقلي من جميع المنازل . وحركية هذا اليوم تكون غير عادية،خصوصا بالنسبة للاطفال الذي يكون بالنسبة اليهم يوم عبد حيث الحلويات بمختلف انواعها .

    ردحذف
  11. غير معرف11/11/16

    Abdennaassar Alhmri
    قصة ليست خيالية انها من صميم الواقع تحياتي سي احمد

    ردحذف
  12. غير معرف11/11/16

    Adnane Merezak
    الحمد لله على سلامتكم. ....رغم خطورة الموقف. ..فقد استطعت اضحاك القارئ باسلوبك المميز. ...تحياتي

    ردحذف
  13. غير معرف11/11/16

    Rachid Elmo
    الله يرحم الوالد ويشافي الوليدة

    ردحذف
  14. غير معرف11/11/16

    أنيس الخير
    عندخ طرطق فيك ههههههه

    ردحذف
  15. غير معرف11/11/16

    Mohamed Bouate
    وفقك الله أستاذي العزيز مزيد من العطاء والتألق في القصة والشعر و الرواية ... وكل الألوان الأدبية مبدع بكل المقايس

    ردحذف
  16. غير معرف11/11/16

    تينزةادريس تاونات
    اراسي مدز عليك وباقي ..شكرا لك

    ردحذف
  17. غير معرف11/11/16

    Abdelghani Bouaoid
    الحياة الجميلة والبسيطة في البادية عشنا القليل منها وﻻكن كانو يحكو لنا اخواننا اﻷكبر منا سنا أنهم عاشو هده الحياة الجميلة

    ردحذف
  18. غير معرف11/11/16

    Mohamed EL Alaoui
    نحن سننتظر مصير السردين

    ردحذف
  19. غير معرف11/11/16

    EL Motaki Souad
    جميلة هي نادرتك و قد ذكرتني بحادثة مماثلة و قعت لي و انا في الجامعة فقد استنفرت جناحي و الاجنحة المجاورة لنا وسادت حالة من الرعب استمرت لايام.. .الحمد الله على سلامتكم و دمتم في سلام وامان دايما تحياتي

    ردحذف
  20. غير معرف11/11/16

    علي معتصم
    ههههههههههعهههه استاد المودن والله يعطك الصحة و يفرح قلبك و يعزك انشاء الله انا رجعة مدمن على كتابت ديلك الله يرحم من قراك و علمك

    ردحذف
  21. غير معرف11/11/16

    Ab Do Abdo
    قصة رائعة جدا كل كلمة اقرآها إلا وألقت بذكرياتي الى الوراء

    ردحذف
  22. غير معرف15/11/16

    Abdeltif Errmyly
    أشكرك اسي أحمد على ذاكتك القوية التي تمتعنا دائما من خلال استحضارها لكل نقلة نقلة في حياة البادية المغربية وتطورها الشئ الذي يعيدنا إلى تلك الأزمنة باعتبارنا جيل عاش تللك التحولات كما يجعل أبناءنا على علم بثقافة أجدادهم ،انه التأْرِيخ بتسكين الهمزة من خلال الأدوات المستعملة في حياة اهل البادية (السكة الشواري البوطة....) عااااااائع اسي احمد

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "