الصفحات

7‏/8‏/2017

مغامرات المفتش التيجاني- الحلقة 1


رحلة العذاب
بقلم المودن أحمد


كانت فرحة التجاني كبيرة حينما توصل بخبر نجاحه في الاختبار الكتابي لمبارة المفتشين...كان ذلك في أواسط التسعينات...و من يومها سكنه الحلم ...حلم ان يصبح مفتشا...و تمر السنين سريعة...
..............
الساعة تشير إلى الثالثة بعد الزوال من يوم حار من أيام يوليوز...سائق السيارة التي تنقل التجاني و أمه قاصدين مسقط الرأس يبدو مهموما...هو يكره السير على الطريق الرابطة بين فاس وبوادي غفساي، ولا يخفي ذلك على من يركب معه...
هذا اليوم قرر تغيير مساره، فبعد عين عائشة انعرج يسارا نحو الورتزاغ، و بعد كيلومترات فضل نهج طريق سيدي المخفي...
تذكر التجاني كيف نصح أخوه "خلوق" السائق بأن ينتهج هذا السبيل عوض المرور على غفساي...و قد قال له بالحرف : " الطريق مزيانة حسن من غفساي " ...
التجاني يقرأ لوحات التشوير "نعتذر عن الازعاج... جماعة تمزكانة...سيدي المخفي ..." ويسأل السائق عن إسم المكان بعدما أثاره بناء فرنسي قديم بقربه قبة خضراء...
يجيب السائق وهو يدندن مع أغنية يصدرها مذياع السيارة:
- هذا سوق خميس سيدي المخفي ...قريبا ستبدأ المعاناة ...
التجاني يكتشف المكان...مسجد و بناء عصري بأسفله صف طويل من الدكاكين و في المقابل سوق فارغ إلا من رحبة مغطاة بالقصدير تذكره برحبة الزرع بسوق أحد بني زروال...


تاه التجاني مع ما سبق أن قرأه حول بطولات أهل المنطقة و دور الزاوية الحمومية ...كان يبحث بين قمم الجبال المحيطة بالمكان و ملامح أناس بسطاء يركبون بغالا و حميرا تحمل قارورات ماء، عن التاريخ الذي قرأه، فاقتنع و هو يرى السائق يراوغ الحفر المتناسلة بالطريق، أنه خارج حدود الزمان و المكان...
لم يُخرِج التجاني من شروده سوى أنين أمه المعاقة بعد مرور السيارة بحفرة لم يجد السائق سبيلا لتفاديها لأنها محاطة بحفر أكبر منها حجما...
فجأة يكسر السائق الصمت :
- انظر إلى ذاك المنحدر...هنالك انقلبت سيارة " بوجمعة " الذي كان ينقل بعض الكائنات اﻹنتخابية...لقد مات منهم من مات وجرح من جرح...
لقد كانوا في طريقهم لمساندة أحد المرشحين...
يقاطعه التجاني:
- وهل تم تعويضهم؟
- هههه...مشات على عينهم عجاجة...
يضحك السائق ساخرا...
وهنا تذكر التجاني حديثه قبل سنة مع أحد الضحايا و يدعى العم عبد المجيد، شيخ كبير من العْزِيَّب...سأله يومئذ بعدما زاره بمنزله عن علاقته بالحزب فرد العم عبد المجيد: " غ كانت فينا ش دعوة عاد خرجت حنا معرفينش حتى السمية دالحزب شنو هي...كانت العزيب غدي يبقاو فيها غ العيالات ..."
اﻷم تئن من جديد و تسأل :
- " واش قربنا أولدي أنوصلوا ؟ "
السائق يرد بطريقته :
- راحنا في أقبح عقبة...الطوموبيل سخنات...
يسأل التجاني عن المكان فيرد السائق نحن نقترب من المقراوي...
حقول خردالة تطل خضراء بسفوح الجبال ...الطريق أصبحت كفسيفساء يجمع الرمل و الإسفلت و الفريش و التراب...الغبار يحجب الرؤيا بالخلف...على جنبات الطريق قنوات ماء يحسبها العطشان بها ماء...تربطها "روكارات" فوقها قطعة تهوية على شكل نصف دائرة أشبه بمنقار مقوس...و على الجانب الأيمنمن الطريق بغل يحمل قارورات ماء فارغة يقوده طفل صغير...البغل يركض هربا من السيارة ...و الطفل يبكي...
ينظر التجاني إلى أعلى...بناء غريب بالقمة...إنه " الشاطو " وبعده يرى مساكن كثيرة يسأل مرافقه عنها فيجيب :
- ذاك دوار السنتية ...والذي بقعر الجبل دوار تاورطة وتلك قمة جبل ودكة...لقد اقتربنا رغم أننا سنلج أقبح طريق على اﻹطلاق...

     ------------------ و للمغامرات بقية ----------------------


                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "