الصفحات

8‏/8‏/2017

مغامرات المفتش التيجاني- الحلقة 2

طريق العذاب

بقلم المودن أحمد

مقطع من الطريق وسط الدوار
الشمس تقترب من مغيبها...التجاني يحاول قتل الملل لدى أمه، فيسألها:
- أتتذكرين أمي شيئا عم ملحمة باب مراكلو التاريخية؟
- نعم لقد كان عمري اثنا عشر سنة و رغم ذلك أتذكر...
تجيبه وهي تخفي ألمها من كثرة الجلوس...
- حدثينا أرجوك عن ذلك أرجوك...
- لا يا ولدي، ليس الان...أنا أخاف من السفر ليلا، يجب أن نصل قبل حلول الظلام...عندما نصل سأحدثك...
- حاضر أمي ....
وصل التجاني و مرافقوه إلى الطريق العابرة لجبل و دكة ، السائق يزداد عصبية يردد دون وعي منه:
- ليت المستعمر لم يرحل عن هذه الأرض...
يسأله التجاني مستغربا:
- ما الذي يجعلك تقول هذا الكلام ؟
- لقد شقوا لنا هاته الطريق جازاهم الله خيرا، و منذ خروجهم و هي على حالها، و لو بقوا في هذا البلد لكانت محطة القطار أيضا بودكة بعدما كانت بالورتزاغ...
يجيب السائق بحزن ، ثم تقاطعه الأم :
- آه ياولدي كم قاسينا مع الفرنسيين...لقد كانوا يدفنون الناس أحياء تحت الثلج...كان الناس يعملون من دون مقابل...عليكم أن تحمدوا الله وتشكروه على نعمة اﻷمن و اﻷمان...
يعم الصمت احتراما لرأي اﻷم...فهذا الكائن سامي في عرف التجاني و أهله...لا صوت يعلو فوق صوته.
غابت الشمس تاركة حمرتها...كحمرة وجنتي بدوية خجولة ...
الظلام ينتصر أخيرا...أضواء السيارة تؤكد ذلك، وحفر الطريق تأخذ لونا أسودا قاتما، بل وأصبحت مصدر قلق للسائق والركاب، خاصة لما ولجت السيارة تلك الطريق البدائية التي تمر وسط الدوار...
كان أنين اﻷم المشلولة ،وهي تقفز من مكانها إلى أن تكاد تلامس سقف السيارة ثم تهبط ، يزيد من حزن التجاني وغضبه...
السائق يدعو على النائب البرلماني الذي وعد الناس علانية بسوق الثلاثاء اﻷسبوعي بطريق في مستوى تطلعاتهم، ومن يومها غاب طيفه عن ودكة وبقي عهده حديث الصغير و الكبير...
يتدخل التجاني محاولا اكتشاف حقائق أخرى :
- ألا تملك الجماعة آلية لملإ الحفر بالرمل أو الفريش ؟
-عن أي جماعة تتحدث؟!
يجيب السائق باستغراب.
- الجماعة القروية التي ينتمي إليها الدوار طبعا.
- هؤلاء لا يتذكروننا إلا في اﻹنتخابات، لقد انتهت صلاحيتنا عندهم...ههههه...يقولون أن الجماعة لا تملك سوى ما تسدد به رواتب موظفيها...الجماعة لا يربطنا بها سوى عقد الإزدياد، تماما كما لا يربطنا بهذا الوطن سوى البطاقة الوطنية...
يتنهد السائق بصعوبة ثم يكمل :
- ألا تشاهد هذا الظلام الدامس بهذا الدوار؟...إنهم على هذا الحال منذ شهور...
يبتسم التجاني ويعقب :
- لولا نباح الكلاب لما عرفت أنني بوسط دوار كان ضوءه أبهى قبل أن يعرف السياسة.

                 ------ وللمغامرات بقية ------



                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "