الصفحات

6‏/9‏/2018

بدوي ببوجلود

 قصة قصيرة بقلم المودن أحمد

مع بداية فصل الصيف من كل سنة يحمل أهل المدينة بناتهم الجميلات وأبنائهم المدللين والذين يحملون فوق رؤوسهم شعرا به رسوم و نقوش يستطيع بها أهل البادية تصنيفهم ضمن " أصحاب المدينة "...
الزوار لا يحملون أبناءهم فقط بل يكلفون أنفسهم عناء جلب " القراشل " و الحلويات العصرية كهدية لأهل البادية...
عند نهاية فصل الصيف يعود أهل المدينة إلى موطنهم محملين بالتين المجفف وزيت الزيتون و القمح والزبيب والثوم...بعد أن يقضوا نهائيا على كل أثر للدجاج البلدي و "بيبي " والبيض البلدي...
قرر العم عبسلام زيارة بنته بمدينة فاس ردا على زيارتها له مؤخرا...اغتنم فرصة نهاية الموسم الفلاحي، وحين هبت رياح الغربي معلنة عن " تشطاب النوادر" ، تسلح بديك بلدي وقنينة زيت وخمس كيلوغرامات من التين المجفف و " ربطتي " ثوم ، دستهما له " فطيطم " ب" الموزيط " ، ثم قصد سوق الأحد راجلا ، ليركب بحافلة الغزاوي قاصدا مدينة فاس...
لأول مرة قرر الإستغناء عن الجلباب و الإكتفاء بلباس كان يستعمله باستمرار خلال عمليات الحصاد و الدرس...لباس متميز يستطيع الناس تمييزه به كتاجر في الدواب من دون أن يقدم نفسه لهم...
أجمل ما في هذا اللباس أنه كثير الجيوب، بل أنه مفضل لديه، ولا يتذكر منذ متى و هو فوق ظهره...خاصة و أنه قليلا ما يستحم، فقد فقدت فطيطم جاذبيتها لديه...ولم تعد تصلح سوى لطهي الطعام و جلب الحطب...
وصلت الحافلة لبوجلود فقرر النزول بمحطتها...مد له " الگريصون " الديك الذي كان فوق سطح الحافلة...ألقى نظرة عليه أحي هو أم ميت ، ثم قصد حافلة محلية لتنقله إلى بن سودة...
ظل واقفا طول الوقت ماسكا أغراضه بيده اليمنى وباليسرى تمسك بقضيب حديدي كباقي الركاب...
ضرب شاب أشعث الشعر صدر العم عبد السلام ثم " غمز " صاحبه ...بعد ثوان ومع ارتفاع سرعة الحافلة بدأ الركاب الجالسون يخفون عيونهم من أثر التبن المتطاير من جيب العم عبد السلام...
كانت عيون الأخير تراقب " الموزيط " والديك فقط ...
عند ولوجه بيت إبنته صرخت :
- لقد سرقوك يا أبي لقد سرقوك...لقد قطعوا جيبك بموس الحلاقة...
ابتسم العم عبد السلام و هو يقول :
- ههههه الآن فقط عرفت مصدر التبن الذي أعمى الركاب.
ثم أدلف يده بجواربه مستخرجا النقود التي حملها معه....
#أحمد_المودن

التعاليق حول النص هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "