هجرة قروية - ج 2 -
أول يوم بطنجة
بقلم أحمد المودن
ملخص الجزء الأول :
(عبد السلام مهاجر قروي من شمال المغرب اختار مدينة طنجة وجهة له، بعدما ضاقت به الأحوال بالبادية، فاكترى سيارة من نوع 207 لتنقله هو ورحيله وزوجته إلى طنجة...
هو الآن على مشارفها )
مع ظهور تباشير الصباح، أطلت طنجة بمبانيها، وزرقة البحر حولها...أيقظ عبد السلام. زوجته، الجالسة بجانبه بالسيارة، وهو يشير بأصبعه:
- انظري يا فاطمة انت على بعد دقائق من عروسة الشمال...
فوجئت فاطمة أمام المنظر، فامتزج لديها احساس بالفرح، لأنها ستسكن بالمدينة، مع إحساس بالحزن لأنها تركت بقرتها ودجاجها خلفها وهي التي اعتادت مدهم بالتبن والشعير والحبوب...
لم تتوغل السيارة كثيرا بالمدينة، بل عرجت على أول حي شعبي، ثم رست بباب بناية من خمسة طوابق اصطفت وسط بنايات أخرى...
أول شيء أثار انتباه الزوار أن البناء عشوائي لا نسق له ولا انتظام...أطفال يلعبون الكرة وسط الدرب الضيق، وضجيج غير عادي جعل فاطمة تسأل زوجها باستغراب:
- واش هذي هي طنجة؟!
وبعصبية يرد عبد السلام:
- دبا شوف واسكث، دبا دْوَلَّفْ...
تم انزال " الرحيل " ثم نقله إلى الطابق الخامس حيث يكتري عبد السلام نصف شقة به...
بيت واحد ومطبخ ومرحاض مشترك سيكلفه ثمانية مائة درهم كل شهر!
بعد فترة راحة نام خلالها الجميع، تسلل عبد السلام إلى الخارج. قصد أول مقهى شعبي ثم جلس غير بعيد عن مجموعة من الرجال وهم يلعبون الورق...
لم يتردد في سل " السبسي " وملئ أول " شقف" خاصة لما شاهد أغلب رواد المقهى يفعلون نفس الشيء...
أحد الجالسين غير بعيد عنه يقول بصوت مرتفع محدثا صديقه:
- طنجة مشاث الحبيب، تعمرات بالبراني...والله الخوا ديالي إيلا هذي شهر ما دربت فيها الدربة...غي البطالة والنعاس والقهوة...
اسود قلب عبد السلام، وكيف لا يسود وهو لا يملك بجيبه مؤونة شهر واحد!
- إيلا خدمتي يحرث عليك الباطرون بجوج دريال، لا حقوق ولا ضمان اجتماعي ولا والو...ايلا گلستي ها الكرا طالع عليك...آحياني واها...
يقول الرجل أيضا وهو يجمع ما ربحه من أوراق اللعب...
- ما أتعسك يا عبد السلام، نذير الشؤم يصادفك حتى في المقهى...
يقول عبد السلام مع نفسه، قبل أن يؤدي ثمن قهوته ثم ينصرف نحو بيته الجديد...
وهو يقطع الطريق مرت من أمامه شاحنة تابعة لإحدى الجماعات وهي تحمل " رحيلا "...
ابتسم ساخرا وهو يتمتم " يبدو أن المدشر لم يبق به أحد، وبالتالي فقد هاجر الرئيس بدوره ليلتحق بأصحاب الأصوات... هههه"
#أحمد_المودن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "