خطبة الهجرة
بقلم أحمد المودن
- عباد الله، إني أرى عدد المصلين قد قَلَّ بهذا المسجد...وإني أعلم، وأحس وأبكي مثلكم بقلبي...وما شكواي وشكواكم إلا لله الواحد القهار...
بهذه العبارات استهل الفقيه خطبته ليوم الجمعة...خطبة جال ببصره خلالها في كل أركان المسجد، وكأنه يبحث عن وجوه اعتاد على رؤيتها بالصفوف الأمامية، لكنها غابت اليوم...
سماء القرية أصبحت غائمة حزينة، فلا هي أمطرت لتزرع أملا، ولا هي أفرجت عن شمسها ليرحل الباقون...
الصمت الرهيب يسيطر على البلدة فقد أضربت الكلاب عن النباح، واحتفظت الديكة بصياحها لنفسها...ما تبقى من السكان بهذه القرية أصبح كأشباح أو هياكل تسير بلا بوصلة، ولا هدف، ولا وجهة...
طبعا هذه الأجواء خارج المسجد، وبداخله وجوه عبوسة، قهرها الفقر والبطالة والغلاء والعطش، وفقيه يصرخ :
- عباد الله، إني أخاف أن أصعد المنبر يوما ولا أجد أحدا هنا...فقد ساءت الأحوال وهاجر الناس تباعا إلى المدن، والمسؤولون في سبات عميق، لا يهتمون بأحوال البادية ولا يسألون عن أهلها...فهل ينتظرون هجرة الفقيه بدوره، حينما تصبح الديار أطلالا؟!
حسبنا الله ونعم الوكيل...حسبنا الله ونعم الوكيل...
#أحمد_المودن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "