هجرة قروية ج 9
المنعش العقاري " عبد السلام الجبلي"
بقلم أحمد المودن
بعد يومين من الحزن على تحطيم جدرانه، زار عبد السلام صاحبه علال " السمسار" ليحكي له ما تعرض له، فلامه الأخير على تسرعه وعدم استشارته قبل بدء عملية البناء، وأخبره أن الحل بيد " المقدم "، ذلك انه عليه احترام السلم الإداري، ثم شرح له المسار الذي عليه أن يَتَّبعه، وكم عليه أن يدفع، ولمن يجب أن يدفع، كما وعده بأنه مستعد للتوسط في هذه العملية مقابل عمولة بسيطة له.
وافق عبد السلام دون شروط، فقد أصبح مكرها لا راغبا في الحل، لأنه لا يعقل أن يضيع ماله مقابل " هواء " لا يقي حرارة صيف ولا برد شتاء...
بين عشية وضحاها كان الإتفاق جاهزا ومشروطا " عليك أن تبني ليلة السبت ويوم الأحد، مع صباغة الجدران الخارجية فورا "...
وما هي إلا أيام حتى أصبح لعبد السلام مسكن بالطابق الثاني بعد السفلي، ولإصلاحه تطلب الأمر بيع حلي فاطمة التي وافقت، ما دامت ستودع البيت المكري الضيق وستنتقل لشقة أوسع...لكن هيهات فلعبد السلام رأي آخر....
- سنبيع الشقة التي بنيناها، وسنبني ، بمقابلها، طابقين آخرين فوقها، ثالث ورابع، دفعة واحدة...وحينها نسكن واحدا ونكتري أو نبيع الآخر...
كبرت أحلام عبد السلام إذن، وكيف لا وهو الذي أصبح يزود بيت القائد بالفواكه...كما أن علال سهل مأموريته، إذ جاءه بزبون اشترى منه الطابق الثاني، مع شرط مكتوب يسمح لعبد السلام بالبناء فوقه...وما هي إلا أسابيع حتى أصبح عدد الطوابق خمسة وفوقها نصف طابق أو ما يسمى " گرصونية " سيستغلها عبدالسلام صحبة الطابق الخامس للسكن مودعا بيوت الكراء للأبد، ومن طبيعة الحال فلكل شيء ثمنه ودائما بوساطة من علال...
تحسنت الأحوال إذن...وكبر الأبناء قليلا، فوفر لهم أبوهم بيتا خاصا بهم في حين أصلح بيت نومه وجهزه بما يناسب "المنعش العقاري " عبد السلام وزوجته الممددة بجانبه الآن وكأنها تحلم...
- يجب أن ترد لاحميدو دينه بعد أن تبيع الطابق الرابع...
تقول فاطمة لزوجها، وهي التي تخاف مكره.
- بل علي أن أشتري لك مجوهرات تزينين بها يديك وعنقك...أم نسيت أنك ساهمت معي بذهبك؟!
- أنت زوجي وتاج رأسي...إنك تستحق حياتي كلها...
فجأة يرن الهاتف...
- ألو ...
- ألو...
- من معي؟
- انا السيدة التي بنيت لها قبل شهور سورا بالمطبخ...لقد تهدم السور...أريدك أن تعيد بناءه...
يضحك عبد السلام كاتما أنفاسه بكفه وهو يرد:
- هل السور تهدم من تلقاء نفسه أم أنت من هدمته؟
تضحك المرأة إلى أن وصل صدى ضحكتها لمسامع فاطمة...
يتذكر عبد السلام نصائح صديقه احميدو، و خطبة الفقيه...يلعن الشيطان، ثم يقول:
- اسمع يا سيدتي...أنا حاليا لم أعد أبني الحيطان...أنا أبيعها...معك " المنعش العقاري عبد السلام الجبلي" شخصيا...
ثم يقطع الخط...
لم تفهم المرأة شيئا، وكذلك فاطمة...وحده عبد السلام كان يتمتم، محاولا إبعاد التهمة عنه: " للأسف، هناك أناس هوايتهم هي تركيب الأرقام بطريقة عشوائية لإزعاج الناس...لا حول ولا قوة إلا بالله".
#أحمد_المودن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "