الصفحات

14‏/2‏/2018

بوعروف دجبالة

 قصة قصيرة بقلم المودن أحمد من ودكة بتونات



لم ينل احميذو لقب " بوعروف" بالصدفة، بل جاء ذلك نتيجة مفاجئته للسكان بآراء غريبة حينا وصائبة أحيانا...وصادمة في أغلب اﻷحيان...
سماء اليوم غائمة...وأمطار الخير تصدر رنينا وهي تلتطم بالقصدير...يملأ احميذو سطلا من ماء المطر ويشرب منه فورا ثم يخاطب ارحيمو مبتهجا :
- الحمد لله على هاد الخير دمولانا ...الما دخل باحدو للديار ...بلا جميل دالمخزن...
فتقاطعه زوجته فورا :
- قي عقلاخ احميذو وبراكة مدهدار فالسياسة ...راك بدجيبا فراسخ...ومدنساشي راك معروض للسبوع دخالي علي...
بعد صلاة الظهر لبس احميذو جلبابه الصوفي اﻷبيض وقصد دار العقيقة...الفقيه يتوسط الحاضرين وبجانبه السي عبسلام والسي ادريس وهما فقيهان " متقاعدان " أو باﻷحرى لم يعد أي دوار يرغب في خدماتهما ...وغير بعيد من الباب يجلس المقدم وبجانبه المستشار الجماعي في حوار أقرب إلى الهمس...
يأخذ احميذو مكانه قرب " المجيد " طاهي الشاي المتميز، يفصل " كاوكاو "عن قشوره ويدفأ معدته بكأس شاي بالشيبة،ويتابع ما يجري من حديث بين الحاضرين...
تدرج القوم في حواراتهم من سمك الثلج إلى نفوق الماشية ثم غياب " الريزو " وانقطاع الطرق والكهرباء... و غياب تدخل الدولة، وهنا تدخل مستشار الدوار ليأكد أنه بأمر من الرئيس تم توفير آلية لفك العزلة، وأن هذا أمر يحسب للجماعة وللرئيس ولحزبه...
أحد الطلبة الحاضرين يغير مجرى الحديث ويحير الحضور بسؤال غريب:
- ما قولكم يا قوم في ما قاله الوزير حول الفقر البارحة في التلفزيون؟
عم الصمت قليلا ليتدخل العم بوشتى الحداد:
- يمكن أولدي بيعاونوا الفقراء...سمعت بيعطيوهم 13 درهم فالنهار للواحد...
يصدمه الجميع بضحك ساخر هستيري...فيحمر وجهه خجلا...
وحده احميذو لم يضحك ولم يبتسم حتى...أثار صمته فضول الحاضرين ليحاول "المجيد " إثارته طارحا عليه سؤالا مصحوبا بتقديم كأس شاي رابع:
- آش تبان لك السي احميذو فهاد الشي؟!
يزيح اﻷخير قب جلبابه عن رأسه ويخاطب " الجماعة ":
- في اعتقادي أن الشعب المغربي اﻵن في مرحلة التخذير التي تسبق العملية الجراحية...إن الوزير الذي قال بأن المواطن المغربي يمكنه أن يعيش ب 13 درهم في اليوم هو مجرد منظر لمرحلة سيتم فيها التخلي عن صندوق المقاصة ورفع أسعار المواد اﻷساسية وبالمقابل تخصيص دعم للطبقة الفقيرة ...لكن فقراء بوشم خاص ...إنه وشم أقل من 13 درهم في اليوم فقط ...وهكذا سيتم التخلي عن الملايين من الفقراء اﻵخرين...إنها خطة خطيرة وللأسف هناك من يروج لها كما هو الشأن بالنسبة لوزيرة العشرين درهما...
صمت رهيب يخيم على بيت الضيوف ...وحده العياشي نطق دون وعي مرددا:
- أخاي هاد الكلام عندك صعيب ...بصراحة انتنا هو بوعروف دجبالة...
يبتسم احميذو خجلا ويغادر الغرفة رغبة في خلوته ...
بالخارج مقدم الدوار متكأ على حائط وبيده هاتفه:
- سمعتو أسعادة القايد كيقلهوم الحكومة غدي تدير لكم عملية جراحية...عندو الكيف فالدار نعام السي ...سميتو احميذو ...أيكنيواه بوعروف...عندو اﻹجازة نعام السي وعاطل ...بطالي قديم...


لقراءة التعاليق حول هذه القصة المرجو الضغط : هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "