الصفحات

17‏/2‏/2018

القفز عن سور سجن عين عايشة.

قصة قصيرة بقلم المودن أحمد .

منذ حصوله على اﻹجازة لم يستطع احميذو الحصول على عمل...لا كمرسم ولا كمتعاقد ولا كمياوم...فجسمه النحيل لا يقوى سوى على حمل القلم...
مع اﻷيام أصبح صديقا لفقيه الدوار...يؤذن مكانه حينا، ويصلي بالناس أحيانا، ويشارك الفقيه "نوبته" رغم أنه لا يأكل من الدجاج إلا فخذه...
اليوم يفاجئ الفقيه صديقه احميذو بطلب غريب عبر مكالمة هاتفية عاجلة :
- أرجوك أن تنوب عني في إلقاء خطبة الجمعة والصلاة بالناس...فأمي توفيت وعلي السفر حالا...
هم جديد انضاف إلى همومك يا احميدو ...اليوم الخميس وغدا الجمعة فما عساك ستقول في خطبتك ؟!!!!
بحث في كتبه القديمة التي وضعها سابقا " بالرف"...نفض عنها آثار" البياضة وأحزام " ، ثم مرر عينيه على عناوينها، ليقف عند كتاب خاص بخطب الجمعة سبق له أن اقتناه من جوطية الملاح بفاس...
احتار في أمر موضوع الخطبة...فكل أمراض المجتمع متوفرة بالدوار...النميمة والغيبة ...النفاق ...ترك الصلاة...
بدا العياء واضحا على محياه من كثرة القراءة، لينام في سريره بجانب زوجته ارحيمو والكتاب في يده...
المسجد ممتلأ عن آخره، والمؤذنون الثلاثة أنهوا حصص آذانهم واحميذو يمسك بورقة وعكازه بيده...غير خائف ولا متردد :
....باسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله ....
عباد الله ...إني أراكم أمواتا في لباس أحياء...لذا أنصحكم ونفسي بتقوى الله والعمل للآخرة ...نعم للآخرة فقط، أما الدنيا فقد اقتسموها فيما بينهم في هذا الوطن ...
إنكم مجرد كائنات انتخابية تملأ بمالكم الصناديق التي أفرغها لصوص الوطن...
فبالله عليكم بم أنتم مواطنون ؟!...لا صحة ولا تعليم ولا طريق ولا حرية...نعم أنتم معتقلون في هذا الوطن ...فك الله أسركم .
لاحظ احميذو أن المقدم يخرج هاتفه من جيبه فأكمل خطبته قائلا:
عباد الله الكلام في الهاتف أو النبش فيه خلال الخطبة لغو ...ومن لغا فلا جمعة له...
وهنا يقف المقدم ويتجه نحو مكبر الصوت ليقطع عنه الكهرباء...
عند حلول المساء كان احميذو ضيفا على سجن عين عائشة ...
لكنه عبقري ...لقد خدع الحراس وقرر الهرب ليقفز عن سور السجن ...وفعلا قفز...ليرتطم جسده النحيف بأرض بيته موقضا ارحيمو التي سألته وهي تتثاءب :
- ياك لباس أحميذو ؟
- لا باس ...غي طحت عن النموسية و تحلت لي الباب فظهري...أجي عونيني نوقف...والله منوراي لركعوها....
- خير وسلام الحبيب...
ترد الزوجة مهدئة من روعه.
#المودن_أحمد

لقراءة التعاليق المرجو الضغط :هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "