التجاني و الكّاورية...حينما انهزم الشيطان
بقلم المودن أحمد
فوجئ التجاني و هو يلج عمله الجديد بشيئين مهمين...من جهة لا علاقة لما درسه مع نوع عمله...و من جهة ثانية لغته الفرنسية ضعيفة جدا جعلت زميلاته في العمل يسخرن منه و هو ينطق حروفها كمن يبتلع عظما...
دفعته عزة نفسه ليتعلم لغة موليير ابتداء من أبجديتها...إلى أن شهد له مديره بأنه أصبح فرنسيا لغة و هيئة...
مع اﻷيام بدأ التجاني يشارك في المنتديات الفرنسية، وركن التعارف مع اﻷجانب، فتعرف على الكثير من الشقراوات...ولكنه لم يتعدى أبدا حدود الصداقة العادية و الخالية من كل اﻷحاسيس و الرغبات...فللتجاني زوجة تثق فيه، يحبها و تحبه وله أبناء، بل و اﻷجمل من هذا أنه عاهد الله مع نفسه ألا يخون زوجته...
مرت اﻷيام و السنين على هذا الحال إلى أن تعرف على إمرأة فرنسية متزوجة...تطورت صداقتهما بسرعة فأغرقته بالهدايا و المال، لا لشيء - حسب قولها -سوى لأنها تحب مساعدة الناس الفقراء وكذا لأن التجاني ملأ حياتها...فزوجها كائن وجوده يساوي غيابه...بل أنها تحب كلبها أكثر مما تحب زوجها...
" كاترين " تتحدث مع التجاني باستمرار على " اﻹميسن"، وتهاتفه كل يوم ، بل و تتحدث مع زوجته " نبيلة " ، فأصبحت بالتالي صديقة العائلة...
وأخيرا قررت "كاترين" مغادرة فيلتها الشاسعة بضواحي باريس لتحل بفاس لرؤية أصدقائها بالمغرب...
قبل سفرها بعثت "الكّاورية " المال الكافي للتجاني من أجل كراء شقة مفروشة و سيارة لمدة أسبوع مع الإحتفاظ بما تبقى من " بقشيش" لصرفه على اﻷبناء...
كانت فرحة التجاني عارمة وهو يلج مطار فاس سايس منتظرا صديقته...و أخيرا حطت الطائرة...بدأ يبحث عنها وسط الشقراوات...لتفاجئه ب:
"Cou cou Tijani, je suis là"
ثم عانقته بقوة، لتتسلل روائح باريس إلى أعماقه...ثم انطلقا إلى الشقة المفروشة بالمدينة الجديدة بفاس...
فتحت كاترين حقيبتها لتمتع التجاني بهادايا ثمينة ومتنوعة ثم طلبت منه استدعاء زوجته...
حلت نبيلة بالشقة فانتشر أبناؤها كاكجراد يلتهمون كل ما صادفوه من حلويات و شكولاتة، و أفرغوا العطر على ذقونهم...لتكرمهم كاترين بعشاء بمطعم فخم...
قام التيجاني - بإيعاز من زوجته - بتوديع صديقته الفرنسية ، إلا أنها صرخت:
-" Oh non! impossible que je reste ici toute seule! j'ai peur..."
شرح التجاني لزوجته أن كاترين ترفض البقاء لوحدها، لأنها تخاف...فوافقت على بقاء التجاني مع صديقتهما، لأنها لم تحمل معها مستلزمات المبيت...
ذهبت نبيلة و بقي التجاني و حده مع كاترين...اعتذرت له عن الغياب للحظة كي تستحم، لتخرج عليه بقميص نوم لا يخفي سوى ما شاءت كاترين أن تخفيه، ثم سألته بلطف :
- أنا بحاجة لقنينة " ويسكي" هل يمكنك أن تحضرها لي؟
اضطرب التجاني و هو يجيب :
- أنا لا أعرف أين تباع...لكن سأسأل حارس فندق قريب...
أحضر الحارس القنينة و أخذ نصيبه من الكعكة مع الثمن...
مسكت كاترين القنينة و أحضرت كأسين، ثم ملأتهما إلى النصف...و التجاني يراقب في صمت...تناولت كأسا و قالت له :
- خذ كأسك سنشرب نخب صداقتنا...
فتلعثم التجاني و بدأ يبحث عن اﻷعذار :
- أنا لا أشرب الخمر، لأنه حرام في ديننا و مضر بالصحة ووو...
فأزاحت قطعة قماش رقيقة كانت تخفي ما تبقى من لحم رجليها المغطى و هي تقول ممازحة :
- اشرب...فربما يزداد و زنك فأنت نحيف جدا...
فرفض التجاني رفضا باتا، لتضرب كأسها بكأسه ثم شربت اﻹثنان معا.
استمرت في شربها و ثرثرتها...فتظاهر التجاني برغبته في النوم ليتسلل إلى غرفته و يغلقها خلفه بالمفتاح و ينام...
يوم غد قاما بزيارة إلى المدينة القديمة...وفي اليوم الثالث زارا إيفران و أزرو...و بعده صومعة حسان بالرباط...ثم بني ملال...
كما قامت نبيلة بدعوة كاترين لتناول كسكس بمنزل التجاني...ثم اتجه الجميع بعدها لمتجر مشهور فاشتروا كل ما أثار انتباههم...في حين كانت كاترين تؤدي و تبتسم...
في اليوم السابع طلبت كاترين من التجاني زيارة مدشره المتواجد بجبل ودكة...كانت رحلة رائعة ... الجو ربيعي...الطبيعة خلابة...رجال الدرك متسامحون...شيء واحد أزعج كاترين، وهو حالة الطريق التي لم تكن تصلح سوى لسياقة الدواب...
قضى الصديقان يوما رائعا بجبل ودكة، أغدقت خلاله كاترين العطايا على عائلة التجاني ليعودا بعد العصر إلى فاس...
جلس التجاني على يمين صديقته الأجنبية التي تكلفت بسياقة السيارة عند العودة إلى فاس...وعند حلول الظلام و بالضبط بين تيسة و فاس...بدأت تمرر يدها على فخضيه...فابتلع ريقه بعدما رأى منسوب الذكورة يرتفع فيه...ليقول مع نفسه :" أيما الحبيبة وكيف بنقي دبا مع هاد المفلسة... يا يما ..." ..."
فكر كثيرا قبل أن يزيح يدها بلطف...فعم صمت رهيب...حمد التجاني الله و شكره...إلا أنها سرعان ما عادت بيدها إلى ما هو أخطر، وهنا انفعل التجاني فألقى بيدها على مبدل السرعة، فاستعطفته قائلة:
- pourquoi tu fais comme ça? Tu ne me trouve pas belle, ni attirante ?
فرد عليها بعدما استجمع قوته:
- اسمعي سيدتي...فعلا إنك جميلة و جذابة، لكن ديننا لا يسمح لنا بخيانة زوجاتنا...فعليك أن تعرفي أنه حتى خروجي معك وانفرادي بك حرام...لقد فعلت كل هذا لأني أعتبرتك صديقة العائلة كلها...لكن يبدو أنني أخطأت...
فانقطع الكلام إلى أن وصلا الى الحي الذي يسكن فيه التجاني ثم قالت له :
"يمكنك النزول و اﻹنصراف، سأعود للشقة لوحدي،لست بحاجة إليك..."
دخل التجاني إلى بيته و حكى لزوجته ما حدث له، ثم حاول اﻹتصال بكاترين ليتأكد من و صولها، لكنها لم ترد...و يوم غد كذلك لم ترد ...فذهب ليطمئن عليها لكنه اكتشف أنها سلمت المفاتيح لصاحب الشقة و سافرت...
انقطع الإتصال نهائيا لمدة سنة كاملة...
ذات يوم جمعة توصل التجاني برسالة نصية من كاترين تقول" عزيزي التجاني أشكرك ﻷنك كنت السبب في دخولي للإسلام...لقد أسلمت منذ شهر على يد شيخ هنا...لذا أنا بحاجة لكتب دينية...كما أخبرك أنني خصصت لك و لأولادك منحة شهرية...أيضا سأتكلف بمصاريف دراسة بنتك هنا بفرنسا إن شاء الله...و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
كاترين "
لي طلب واحد من جميع الأصدقلء...اذا كانت القصة تستحق المشاركة فلنشاركها مع أصدقائنا ...و شكرا لكم.
ردحذفBadre Tajdine Tijani mérite tt le respect du monde. Primo Il a pu maîtriser ses vices surtout devant une blonde aussi charmante et attirante, secundo il mérite autant davantage puisqu'il a participé à l'intégration d'une chrétienne à notre religion.
ردحذفHistoire très significative notamment pour ceux ne maîtrisant pas leur désirs. A la place de tijani j'aurai pas du rater l'occasion pour être franc. Là je parle d 'une vraie faiblesse.
Bravo Tijani. Elkah yketter men amtalou.
Chamali Assil
ردحذفChamali Assil
نهاية رائعة وجملية!
كيف ﻻ، وأن نهاية الإنضباط والإستقامة في الإسﻻم، ﻻ تكون إﻻ أروع وأجمل...!
هنيئا لك أيها الجبلي بهذا النجاح.
Abdelfadil Grimet
ردحذفلم أعلق عندما طلبت منا أن نخمن بماذا إنتهت القصة.لأن التوقع صعب ،لأن شخصيتك و مواقفك من مثل هذه الأمور لا نعلمه.أي مدى إلتزامك بمبادئ الدين الإسلامي
Mfadal El Atifi
ردحذفكم من قارئ لهذه القصة سيتعجب من موقف التيجاني، سيردد اه لوكنت مكانه الهمزة بكامونها. سيقول شحال من واحد يتمنى هذه الفرصة وهذا حات حتى ليدو مضياعها. كم من قارئ سيعتبر التيجاني مجرد كانبو كما نقول....... لكن كم من قارئ وانا واحد منهم نفتخر ان ان التيجاني يمثل الرجل المسلم المنفتح والملتزم. انه مثال للشهامة والرجولة والأخلاق، انظروا كيف تصرف وهو في وضع لا يحسد عليه، وام تسول له نفسه ان يخون زوجته ودينه رغم عدة مغريات، كيف تصرف مع صديقة ارادت ان تراوده عن نفسه فأبى ان بستجيب لها ولنزواته وغرائزه ، فحاول اقناع صديقته بطرق لطيفة جدا تدخل ضمن تعليمنا الدينية واخلاقنا الإسلامية الحقيقية فكان كلامه ايما اش ديرت انا مع هذ المفلسة...... اسلامنا لابسمح بالانفراد بالمرأة الغريبة..... لكنني اعتبرتك صديقة بل واحدة من العائلة...... صراحة مثل هؤلاء الرجال هم قلة
عبدالله الشافعي
ردحذفقصة روعة .
والاروع كاتبها
عماد عماد
ردحذفمن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ... ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
Ab Do Abdo
ردحذفقصة رائعة عشنا فيها مع التجاني ومغامرته الجميلة مع الكاورية وتحياتي للتجاني على صموده وعدم هزيمته امام نزواته ورغبات الشيطان والحمد لله عاد عليه صبره وإمانه باالخير والمال
Aziz Zitouni
ردحذفالتربية على مبادئ الدين والخلق النبيل كان له دور في تغذية راجعة لكل من قرأ القصة، خاصة وأن مضمون القصة تأرجح في تسلسل تشويقي من بداية القصة الذي جعل القارئ في لحظة تشويقية لمعرفة إذا ما كان التجاني سيقع في الرذيلة والخيانة الزوجية لتنقلب هذه اللحظة في قالب درامي جد مؤثر طبع بالقيم النبيلة لديننا الحنيف وكيف انتصر في الأخير
والقصة لا تعدو أن تخفي في طياتها معانات البادية سواء الحالة المتردية للبنية التحتية أو غيرها وهذا ما يجعل الكاتب والمبدع أحمد المودن يفصح في كتاباته عن ارتباطه وغيرته على بلده بني زروال، فآلاف التحايا لك أخي وما علينا الان إلا أن نعلنها للجميع أن بني زروال تتوفر على كاتب من عيار محمد زفزاف وعبد الله العروي وغيرهم.. وهذا لن يتأتى إلا بنشر هذه الأعمال الأدبية الرائعة.
تاوناتي واعتز ·
ردحذفتحية لك السي احمد والله قصة واقعية رائعة والله انك مفخرة بني زروال لأنها انجبت كاتب مثلك يستحق كل الإحترام والتقدير وتستحق مني التكريم
Mohammed Bousraraf
ردحذفالتربية على القيم . مبروك سي المودن,
Adnane Merezak
ردحذفاحتراماتي. فما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه القيم والمبادئ. دمت وفيا ومبدعا ....
ابو اياد ابو اياد ·
ردحذفاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.هذه القصة تذكرنا بنبي الله يوسف عليه السلام.جزاك الله خيرا وجعلها ربي في ميزان حسناتك
Adam Ayour
ردحذفاحسنت لقد كنت خير سفير لديننا الحنيف
Anis El Meouaddene
ردحذفأنا في اعتقادي لو انك قمت بضد ما فعلت الآن لكان راتبك مضاعف ولكن كما يقول المثل ربي ايعطي الفول للي معندو دراس هههههههه
Badre Tajdine
ردحذفBeaux principes. Bravo ! Tijani a donné vraiment une leçon exceptionnelle
Charaf Chouaib
ردحذفاحترام المبادئ شئ جميل في الحياة.
انس القاسمي
ردحذفقصة في منتهى الروعة ومعبرة (اخي كدما فالمستوا )