كان الله في عون فقراء الوطن
بقلم المودن أحمد من غفساي
إلى عهد قريب كنت أتساءل مع نفسي:- ما عساه يفعل قالب سكر أو إثنين أو خنشة بكاملها في نفس إنسان مكلوم بوفاة عزيز عليه؟!
ظل هذا السؤال يراودني كلما هممت بالذهاب لتعزية جار أو قريب...خاصة بعد قسم زوجتي التي تفوقني كرما - والحق يقال - ألا تذهب معي إلا بعد أن أشتري السكر!!!
مرت اﻷيام والسنين فتوفي إبني بعد إهمال طاله بمستشفى فاس الجامعي...و من كرم المسؤولين بهذه المؤسسة الصحية أنهم أقسموا لي ألا أخرج جثته إلا بعد أداء 13000 درهم، و حين هددتهم بصور الاهمال خفضوا المقابل ل 4600 درهم!
كان حزني كبيرا...فقدتُ إبني وعليَّ أداء الضريبة مقابل خدمات تستنكرها الحيوانات قبل البشر...
فجأة اتصل بي فاعل خير بعد أن عرف قصتي عن طريق اﻷهل...
أخبرني - جزاه الله خيرا - أنه سيساهم بمبلغ 3000 درهم...في حين ملأ اﻷحباب و اﻷصدقاء علينا الدار، كما ملأوا المطبخ وبيت النوم بالطحين و السكر...
طبعا كنت أعرف، و كانوا يعرفون أن إبني لن يعود...ورغم ذلك كانوا يقدمون لنا المال و الطحين و السكر...
مر عام كامل و نحن نأكل سكر و طحين و مساعدات إبننا!!!
كان ذلك يخفف عنا حمل وثقل الحياة، فنقول : " هذا فضل الله و بركة إبننا..."
و أتذكر يوما أن أخا لي مات بمصحة بعد عملية جراحية، فأرغمت إدارة المصحة على خصم 10000 درهم من المبلغ الاجمالي للعملية و ارجاعه لي...حملتها دون علم أحد غير الله، و أعطيتها لزوجة أخي...رغم الحزن فقد كانت مفاجئة واستها ففرحت بها...طبعا أنا لم أحيي زوجها ولكني تمكنت من مواساتها و مساندتها في محنتها...وكم خفف عنها ما كان الناس يمدونها به من مال و سكر و طحين...
هذه الكلمات هي دعوة منا لنساند من يفقد شخصا عزيزا عليه...فنحن الفقراء من نحس ببعضنا البعض...لا تنتظروا أن يهب المسؤولون و الساكنون في اﻷبراج العالية لمساندة المكلومين منَّا...فربما لو حدث ذلك في بنكلاديش أو أبعد من ذلك لهبوا للدعم و المساندة...أمَا وقد حدث هذا بغفساي، فلا يهم...لأن ذلك لن يساهم في تلميع صورة الوطن!!!
وهذا حظكم يا أهل سفيان ووئام...ذنبكم أنكم تنتمون لجزء مهمل من الوطن...فكان الله في عون فقراء الوطن...
ملحوظة :
الصورة لابني الذي توفي بالمستشفى الجامعي بفاس نتيجة إهمال تسبب في نزيف دموي ليلا توفي على إثره صباح الغد...و لم أحزن لوفاة إبني بقدر ما حزنت للمستوى الرديء للخدمات و كذا لأنني اكتشفت أنني بمصحة و ليس بمرفق عمومي!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "