من مذكرات التجاني
بقلم المودن أحمد
كانت فرحة أسرته كبيرة وفرحته أكبر حينما حصل على شهادة الباكالوريا...سيلتحق إذن بالجامعة حيث يتواجد أبناء مدشره خاصة الحشادي و التليدي...ليصبح التجاني طالبا جامعيا !!!
مر الصيف سريعا و جاء شهر شتنبر...اختار الأب " خلوقا " ليصاحب التجاني الى مدينة فاس قصد التسجيل بالجامعة و كذا بالحي الجامعي...و لكن قبل ذلك عليه أن يوصله إلى ظهر المهراز حيث تقطن إحدى بنات عمه صحبة زوجها ب "ديور العسكر"، و ذلك في انتظار الحصول على سرير بإحدى غرف الحي الجامعي...
"خلوق" سبق له أن زار مدينة فاس مرات و مرات، بل سبق له أن عمل بمدينة الحاجب عندما هرب من المنزل ذات يوم، كما أنه يميل إلى الافتخار بنفسه ، و هذا ما يجعله يشتري اللباس الجديد، عكس التجاني الذي لم يجد اللباس المناسب لسفره، فلجأ لأخيه المجاهد ليعطيه "جاكيطة " تتشابه في اللون و الحجم مع " جاكيطة خلوق" ...
وصلت الحافلة إلى " بوجلود " بعد أربع ساعات من السير... نزل التجاني و خلوق ليقرر الأخير عدم الركوب في سيارة أجرة صغيرة بدعوى معرفته الجيدة للطريق الرابطة بين بوجلود و ظهر المهراز...و هكذا سار الإثنان على الأقدام...و ما أن توغلا بين أسوار عالية عرف فيما بعد أنها أسوار حديقة جنان السبيل، حتى اعترض سبيلهما ثلاثة لصوص...كان خلوق يضع " جاكيطته " على كتفه و كذلك كان يفعل التجاني بسبب الحرارة المفرطة...
طلب اللصوص من خلوق مدهم بسيجارة فأجاب خلوق بشجاعة :
- "مالي أنا صاكة ..."
ثم أخرج سكينا كان بجيبه يسمونه " بونقشة " ، و قبل أن يفتحه ضربه أحد اللصوص ليده حتى طار السكين بعيدا ...ثم جر أحدهم " جاكيطة " خلوق و هرب بها، في حين جر لص آخر " جاكيطة " التجاني و لكنه لم ينلها بسبب تمسك التجاني بها...و دون تردد هرب الأخير تاركا خلوق كفهد بلا مخالب وسط كلاب وحشية...
كان التجاني يزيد من سرعته كلما سمع كلمة " أوقاف ، أوقاف " ...مر بأزقة ضيقة ، لينتهي به المطاف بمتاجر كثيرة ...الشخص الذي يلاحقه لازال يطالبه بالتوقف، ليركض التجاني أكثر...
المشكلة العويصة أنه لا يعرف أحدا بمدينة فاس، و ليس معه نقود، و لا يعرف عن هذه المدينة سوى الإسم!!!
فجأة سمع صوتا يناديه:
- أوقاف...أوقاف...التجاني...وا التجاني...أوقاف...
ليطمئن قلبه عند سماع إسمه ، و يعرف في آخر المطاف أن الذي كان يركض وراءه طيلة هذا الوقت ما هو سوى خلوق الذي خاف أن يفقد التجاني إلى الأبد ففضل الركض و راءه عوض محاولة استرجاع ما سرق منه...
توقف أخيرا التجاني و قد كاد يفارق الحياة من كثرة الجري و الخوف...و لحسن حظهما أن النقود و الأوراق لم تكن ب " جاكطة خلوق" ...و أن التجاني كان يمسك بقوة على الملف الذي يحتوي على شهادة الباكالوريا و باقي الوثائق الأخرى...
أخبر خلوق التجاني أنهم بمكان يسمى "الملاح"، ليركبوا في سيارة أجرة صغيرة نقلتهم في أمان إلى " ظهر المهراز " .
لقراءة التعاليق حول هذا النص على الفايسبوك اضغط : هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "