19‏/8‏/2016

يوميات فقيه الدوار

يوميات فقيه الدوار

قصة قصيرة بقلم المودن أحمد من المشاع بغفساي

السي عبد السلام فقيه شاب...يحفظ القرآن عن ظهر قلب و يعمل إماما، مؤذنا و خطيبا بمسجد الدوار...
ورغم التحاقه بهذا المسجد منذ أشهر فقط، فقد تمكن من التعرف و التعارف مع أهل الدوار بسهولة، مما سهل تعرفه على همومهم ومشاكلهم...
ككل ليلة خميس يختار السي عبد السلام مواضيع خطبة الجمعة بعناية...لكن هذه الليلة حدث أمر فرض عليه تغيير موضوع الخطبة...لقد سمع لغوا و كلاما منحطا و سبا و شتما غير بعيد من المسجد...
يوم غد الجمعة لبس جلبابه و سلهامه وصعد المنبر...
حمد الله و شكره ثم غاص في موضوع الساعة بالدوار...اللسان و زلاته...فكلمة واحدة طيبة قد ترفع المرء درجات...و كلمة خبيثة قد تغضب الله و العباد...
ثم أكد على وجوب محبة الناس لبعضهم البعض و عدم الإساءة للناس جميعا ، واﻹحسان للجار و اليتيم و الفقير و الضعيف و اﻷرملة و المسنين...
ألقى نظرة على الحاضرين ليفاجئ بأن أغلبهم يغط في نوم عميق...ضرب بعصاه على المنبر ليستفيق النائمون...مسحوا عيونهم، و منهم من فتح فمه متفوها ليكسر النوم الذي يداعب جفناه...
عاد الفقيه لينصح الناس بضرورة التحلي بالصبر و التسامح...و ترك الأنانية، و قد كان يقصد هنا الفلاحين الذين يريدون سقي قنبهم الهندي من عين الدوار دون غيرهم، وما فقه قوله سوى القليل منهم...
ختم خطبته بدعاء بالهداية لأهل الدوار ثم أمر بإقامة الصلاة...
صلى الناس و خرج نصفهم بسرعة...و بينما الفقيه يستغفر الله صحبة من بقي بداخل المسجد، سمع لغطا و صراخا بالخارج:
يجب عدم كراء ماء العين...
سنكتري الماء لإسترداد ما صرفناه...
الجمعية ستكتري فائض الماء لتحسين مداخيلها وجلب ماء جديد...
أزل "التيو" من العين...سنشتكيكم للقائد...
أنتم لصوص...انتهازيون...
أنتم خربتم المدشر...أنتم...أنتم...
ثم ارتفعت حدة النقاش لتتشابك اﻷيدي...و يبدأ الشتم و القذف:
أنت حمار...أنت كلب...شفار...منافق...بركاك.......
ابتسم الفقيه وكأنه يطرد الحزن الذي اعتلى محياه، ثم رفع كفيه داعيا : اللهم اهدنا في من هديت، واعفو عنا و ارحمنا ولا تعذبنا بما فعله السفهاء منا...اللهم اهد أهل هذا الدوار و نبههم لعيبهم و لا تجعل المحاكم ملجأهم ولا السجن مقامهم...ولا جهنم مأواهم...ولا القائد مبلغ علمهم...سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين...
انتظر أن يقول معه أحدهم " آمين " فلم ينطق بها أحد...نظر خلفه فوجد المسجد فارعا إلا من المنبر و العصا و شيخ نائم...
جمعة مباركة.
 
       
                                                                

هناك 28 تعليقًا:

  1. غير معرف19/8/16

    Salah Rabouli
    احسنت استاذ احمد قمت بتشخيص واقع الحال

    ردحذف
  2. غير معرف19/8/16

    Mfadal El Atifi
    لقد اصبحت خطبة الجمعة مجرد كلام يتلى مرة في الأسبوع على بعض القوم دون ان يستوعب معناه، هذا في حالة وجود من يتقدم بهذا النوع من الخطابة، اما الباقي لا يحتهدون إطلاقا لتنبيه الناس عما يقترفونه من اعمال وافعال مدانة شرعا

    ردحذف
  3. غير معرف19/8/16

    Jbala Hta Lmoute
    الإستاد أحمد أقدر فيك هذه الروح الإبداعية وكلما قرأت يومية من يوميتك إلا وتخيلت سنوات مضت فتفس المشاكل بالدوار ونفس الأحداث مع فارق بسيط في الشخصيات

    ردحذف
  4. غير معرف19/8/16

    عبد الحميد الدويمة
    لم تعد الخطب تحذير للمصلين بل أضحت تجمعات يتفنن المتلقي والملقي في سماع وسرد ما خط بخطبة تترك على عتبات المصلى لينتشر الناس في شيطنة واقعهم كالمعتاد.

    ردحذف
  5. غير معرف19/8/16

    Abdelaziz Elouarti
    اااااياااه على أيام الزلط والمحبة .ما جاء القنب إلا بالكراهة الله يحفض

    ردحذف
  6. غير معرف19/8/16

    Ali Remmah
    هؤلاء لا تلزمهم خطبة جمعة وإنما قانون صارم يعطي لكل دي حق حقه .

    ردحذف
  7. EL Moudden Ahmed
    أتفق معك مائة بالمائة السي علي...و هي مناسية لأعترف أن السلطة لا تقوم بالدور المنوط بها على أحسن وجه ...و ستجد نفسها متهمة هي الأخرى بالتقصير اذا حدثت جريمة قتل لا قدر الله...خاصة و ان ما رأيناه بأعيننا يجعل كل شيء ممكننا في رمشة عين ...اللهم اني قد بلغت.

    ردحذف
  8. غير معرف19/8/16

    Abdelaziz Elouarti
    ألا يوجد كبير في هذا الدوار.يرجعون إليه في مثل هذه النزاعات! ؟

    ردحذف
  9. EL Moudden Ahmed
    للأسف الكبار لم يعودوا يخرجون من منازلهم حتى لاداء الصلاة بالمسجد، كما أن شباب اليوم لم يعد يحترم من هو أكبر منه سنا...الكل يدعي أنه يفقه في كل شيء...للأسف ...و لهذا عبر الكاتب في اخر القصة عن الأمر قائلا: "نظر خلفه فوجد المسجد فارعا إلا من المنبر و العصا و شيخ نائم..."

    ردحذف
  10. غير معرف19/8/16

    Abdelaziz Elouarti
    أوهل تلاشت ايام الشيخ والمقدم في حكم هذا المجال.ام ينتظرون آخر الشهر لصرف رواتبهم. أم هم فاسدون. ..

    ردحذف
  11. غير معرف19/8/16

    Abdelatif Azermai
    اللهم تقبل نصيحتك ونصيحة الناصحين الى الخير

    ردحذف
  12. غير معرف19/8/16

    Mohammed Bousraraf
    عادة ما يتظاهر جل المصلين بالخشوع أثناء الإنصات ، وبمجرد الخروج من المسجد ، بعد صلاة الجمعة ، يعود السواد الأعظم منهم لأفعال ولأعمال يوم الخميس .
    أردت أن أقول أن أنك تتوفر كل مواصفات الإمامة والقيادة بالمفهوم النبيل الكلمتين .

    ردحذف
  13. غير معرف19/8/16

    Fadel Daoud
    منذ ان شرعت الدولة في صرف الرواتب على الائمة لم يعد لهم تاثير في نفوس الناس

    ردحذف
  14. غير معرف19/8/16

    Settof Laqmus
    رائع �� الله يعطيك الصحة
    في الصميم...

    ردحذف
  15. غير معرف19/8/16

    عثمان شيبو
    هذه هي حالتنا اسي احمد مع بعض الناس هديهم الله الفقيه يتكلم وهو نائم وكأن الامر لايعنيه كانه يجئ الى المسجد ليسجل الحضور فقط الله يهدينا
    احبابي لاتلومو الفقهاء فالفقيه قام بدوره وخاطب الناس على قدر مايقع فيهم لاكن لاحياة لمن تنادي

    ردحذف
  16. غير معرف19/8/16

    Fatima Riane
    عطلتك هذه كنت فيهابمثابة الصحفي ذيالعين اليقظة وقد لاحظت ان جميع المشاحنات تدور حول نقطة الماءالتي هي عين الدوارالا انني لم افهم من
    هو المستفيد من مداخيل كراء العين؟وهل هذه العين ملك خاص لشخص معين؟

    ردحذف
  17. غير معرف19/8/16

    العين ملك لأهل الدوار جميعا، الا أنه هناك بعض الأشخاص يرغبون في السيطرة علي الفائض من الماء لري حقولهم ...كذلك دخلت احدى الجمعيات المحلية لتكتري الماء للسكان لملا صندوقها و استرداد مصاريف القنوات التي تدعي انفاقها...هذا التداخل في المصالح جعل المدشر مقسما الى طوائف...مما سهل المأمورية على الشيطان ...

    ردحذف
  18. غير معرف19/8/16

    Imad Elyoussfi
    أحسنت موضوع في المتناول

    ردحذف
  19. غير معرف19/8/16

    Ab Do Abdo
    ههههه لا حياة لمن تنادي ايها الفقيه . هم لايفهمون الدارجة عساك اللغة العربية .اللي فراسو شي حاجة راها فراسو .

    ردحذف
  20. غير معرف19/8/16

    Jawad Er-rahouti
    رائعة و واقع ملموس و معاش في حياتنا. الجبلية. تحياتي استاذي

    ردحذف
  21. غير معرف19/8/16

    Nordin Nordin
    او لم يكن القدامى اكبر نوما وجهلا..؟او لم تكن هناك صراعات؟فلماذا هذه الحدة والقصوة رغم ما عرفه مستوى المعيشة من تحسن نسبي؟ تحياتي استاذي .

    ردحذف
  22. غير معرف19/8/16

    Adam Amro
    تحية لك سيد أحمد. و تحية لكل سكان المشاع و الركيبة و النقلة التي درست فيها لمدة 4 سنوات. لا زالت محفورة في ذاكرتي بحلوها و مرها. اناسها طيبون و من طينة السي عبد السلام الزفزوف مدير م م النقلة الذي لا زالت تربطني به علاقة جيدة جدا هو و السي عبد الله اوقسو .تحياتي لكم جميعا

    ردحذف
  23. غير معرف19/8/16

    عبدو مغربي
    شكرا خويا احمد على شجاعتك في كلام شيق

    ردحذف
  24. غير معرف19/8/16

    عبد الله القاسمي
    أسلوب جيد و قصة رائعة . واصل ،المنطقة محتاجة لقلمك . فلا تبخل أرجوك.

    ردحذف
  25. غير معرف19/8/16

    Rachid Hilali
    جمعة مباركة .هذا واقع .بمجرد الخروج من المسجد بعد سماع الخطبة .وقع ما نهى عنه الخطيب !!!

    ردحذف
  26. غير معرف19/8/16

    EL Motaki Souad
    لا يسعنا سوى ان ندعي لشبابنا بالهداية و التخلق بالاخلاق الفاضلة و ان يبعد عنا الافة الدخيلة التي تشكل السبب الرئيسي في ما ا لت اليه المنطقة الان من تدني ، تحياتي

    ردحذف
  27. غير معرف25/8/16

    Elmouden Ouadie
    ونقرأ السلام على وضع يدمي القلب ، قالوا لهم فيما كنتم قالوا كنا نختصم حول الماء امام بيت الله قلنا لهم ما انتم بعطشى ولا جوعى ولكنكم فطمت جهلا ولد حسدا وتطاحنا بينكم فمثلكم كمثل الخنزير يلقي فظلاته ثم يأكلها ليس جوعا وانما خسة وتكاسلا، ولا أرى لأمثالكم قلبا تؤثر فيه المواعظ والخطب لأنه لو كان هذا لما كان هذا.... وشكرا للأنامل التي نقلت لنا القصة بطريقة راقية ، وللقلب الذي لا زال يدق غيرة على القرية والمسجد والفقيه.

    ردحذف
  28. غير معرف29/8/16

    EL Motaki Souad
    ممتاز اخي احمد ، تكلمت في صميم الواقع المعاش ، فالمنطقة التي كان يضرب بها المثل في تعلم مبادئ الدين الاسلامي و حفظ القران اصبحت الان مرتعا كبيرا للمخدرات انتاجا و تجارة فانحطت الاخلاق و كثر الفساد باشكاله مع انتشار الجريمة بوتيرة متسارعة ، وانا اقول هذا و عندي احصائيات يندى لها الجبين ، فالتنهضوا يا هل بني زروال لنستجمع شتاتنا قبل فوات الاوان ، وحينها لن ينفع شيئا خصوصا وان المنطقة تزخر بكفاءات عالية و تتميز بذكاء اهلها يجب ان يوظف بشكل جيد ، املي كبير ان تعود بني زروال لاوجها انشاء الله ، موفق

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "