بقلم الشركي علي رماح
******استحسن المسؤولون بإقليم تاونات الفكرة، وطلب من مندوبية المياه والغابات،وبتنسيق مع نظيرتها بإيفران،جلب مجموعة من القردة من غابات الأطلس إلى غابة ودكة.
وقع الاختيار على مجموعات مكونة من ذكور وإناث وصغار،وكان كبير الذكور يشبه بلحيته وهندامه شيخا عند بني البشر،وقد لقبه أهل المنطقة:زامير.
في وقت فراغه كان زامير يلجأ إلى صخرة وسط الغابة ليطل منها على مدينة إيفران،وتمر القردة من أمامه،وكل واحد أو واحدة يجلس أمامه لبرهة فيلقي يده على رأسه ومن تم على كتفيه فينصرف ليمر الآخر وكأنه شيخ في زاوية وهم مريدون يرجون بركاته.
حملت المجموعات بزاميرها،وما أن أطلق سراحها بغابة ودكة حتى انتابها الخوف والقلق بالرغم من أن هجرتها لن تكون أكثر فضاعة من هجرة ذلك القروي الذي ترك البادية وحل بالمدينة ليكتري بيتا بمرحاض مشترك ولم يجد عملا،وما أن انتهى المال الذي بحوزته حتى أخرج حداءه وجلبابه ،وهما آخر ما ظل يربطه بموطنه الأصلي،للجوطية من أجل بيعهما،فلبس أحدهم الحذاء بنية شرائه وهرب،ومن تم لم يدع صاحبنا أحدا يلبس الجلباب مخافة أن يهرب به هو أيضا،وعاد بخفي حنين.
مع مرور الأيام،ألفت المجموعات المكان،ووجد زامير وسط الغابة الصخرة التي يطل منها على اكتامة برمتها،كما أعجبوا جميعا بالطقطوقة الجبلية والعيوع بعدما كانت آذانهم قد توطنت على سماع الكمنجة الأمازيغية والوتر وصيحات الشيوخ والشيخات هناك.
وما أن بدأت تدب الحياة بالمنطقة من خلال السياحة الداخلية والخارجية،وشرعت الدولة في استصلاح الطرق والممرات حتى وقع مالم يكن بالحسبان،فقد بدأت الذكور تتقاتل فيما بينها،وتقتل وتجرح الإناث والصغار.
لقد بدت القردة ذاك الصباح بموتاها وجرحاها وكأن قردا مفخخا جاء من مجموعة بعيدة وفجر نفسه وسطها ،لتقوم المجموعة المرسلة بإرساء إديولوجيتها على أنقاض إيديولوجية غريماتها.
وبعد البحث والتدقيق والتمحيص،توصل المشرفون عليها إلى حقائق مهولة،فقد دأب زامير على قيادة الذكور كل صباح باكر إلى أطراف الغابة،فأعجبوا بمذاق نبتة غريبة كانت هناك ،لينتقلوا من اكتشاف مذاقها إلى الإدمان عليها،وعند عودتهم يكون المخدر الموجود بها قد نال منهم فيشرعون في التقاتل والتقتيل،إذاك وجد الجميع أنفسهم مجبرين على الاختيار بين أمرين لا ثالت لهما : القردة والتنمية أو العشبة والخراب.
إهداء لجيران العشبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "