5‏/10‏/2018

احميذو يخطب أمام العامل

قصة قصيرة بقلم المودن أحمد

منذ أن سمع احميذو بلقاء العامل الجديد بالمجتمع المدني وهو يتدرب على فن الخطابة...نعم يريد أن يخطب...وسيخطب مهما كانت الحواجز ...فقلبه " عامر " إلى أقصى حد.
يظل اليوم كله يكتب خطبا ويمزق أوراقا إلى أن غابت شمس يوم أمس، فنام بحذائه وكأنه جندي في ساحة الوغى...
قاعة فسيحة بها خلق كثير ، اختلط الشركي بالجبلي والحياني...وتنوعت الجلاليب والطرابش و" الرزات " ولم يعكر صفو البياض سوى تلك البذل السوداء الموحدة التي يلبسها أناس متميزون ...
خليط من اللهجات جعلت الجو مناسبا لمن يهوى الضجيج ليملأ جيبه بأنواع الحلوى ليحمل لأفراد أسرته نصيبهم تماما كما تفعل النساء في الأعراس...
رحب العامل الجديد بالضيوف...ثم تناوب على منصة الخطابة الرؤساء بشتى أنواعهم، فمدحوا ورحبوا ودعوا دعاء طويلا، مغتنمين يوم الجمعة وهو يوم قد يستجاب فيه الدعاء...كما تحدثوا عن فوائد التين والزيتون...
ثم قام رئيس جمعية " الدعم القروي " بالثناء على إنجازات العامل ، قبل أن ينبهه أحدهم أن العامل لم يدفء مكانه بعد...
تحرك احميذو نحو منصة الخطابة كممثل للمجتمع المدني فاستوقفه أحد أصحاب البذلة السوداء سائلا إياه عن هويته ، فرد احميذو بثبات:
- احميذو الجبلي، سأتحدث باسم المجتمع المدني وبالضبط سأركز على الجهوية ...
فتح له صاحبنا الطريق ...و أمام حيرة الجميع أزال جلبابه ووضعه على كتفه ، ثم مسك بالميكرفون :
- سيدي العامل ، أولا مرحبا بك بإقليمنا...و أخبرك أن " الكرموص مجثشاي هاد العام، والزيتون طاح "...
سيدي نحن قوم بسطاء، أجدادنا و آباؤنا قاوموا المستعمر وكان أملهم هو الإستقلال و التنمية، لكنهم فوجؤوا بأن نصيبهم كان هو الجهوية...فقد حدثنا العامل السابق عن الجهوية ، وحدثنا عنها رئيس الجهة ، وسمعنا عنها في التلفزة وفي البرلمان...ولكن طرق جهتنا محفرة ومدارسها مهدمة أو لم يلتحق بها الأساتذة بعد، كما أننا نعاني صحيا فمنا من لا مستوصف له و منا من لا طبيب ولا ممرض بمستوصفه ، و منا من هو معزول عن العالم ، منا من وعدوهم بالماء منذ 2010 ولكن الماء ذهب لجهة أخرى، وهم في العطش غارقون، ومنا من لا يعرف معنى الكهرباء...
قالوا لنا أننا سنستفيد في إطار تنمية الأقاليم الشمالية ثم حدثونا عن التنمية القروية ثم عادوا للجهوية ، لكننا لم نرى لا تنمية ولا جهوية و لا " قرينة الكحلة "...فالحال لم يتغير منذ الإستقلال...ونحن حائرون أنكتفي بوعود " الجهوية "و " التعمية " أم نلجأ للهجرة القروية؟!!!
كثر الضجيج وتعالت عبارات السخط على احميذو من أغلب الحاضرين من بني جلدته فتم إنزاله عن المنصة لخروجه عن موضوع اللقاء ...بل تم اخراجه من باب خلفي ليجد نفسه بعد دقائق بعين عايشة والأبواب عليه موصدة...
دق في الباب بيديه ثم ضربها برجله اليمنى بعنف، فسمع صراخا نسويا :
- والعذاو رجلي ...والعذاو احميذو هرستني...
كانت ارحيمو تتألم وهي تمسك بساقها أسفل السرير بعدما أصابتها ركلة احميذو وأسقطتها أرضا...في حين كان الأخير يتمتم:
- لعن الله الجهوية و التنمية القروية ...أنا كنت عارفهم مغاديشاي يعرضو علي...لاش أنا محماق راسي لاش؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "