2‏/2‏/2019

من قتل حليمة ؟


من قتل حليمة ؟
قصة قصيرة بقلم المودن أحمد
اختفاء حليمة فجأة حير أفراد أسرتها...هاتفها خارج التغطية باستمرار ، منذ آخر مكالمة معها قالت فيها بالحرف " أنا مع زوجي في الطريق متجهين نحو جبالة...نحن بالقرب من الغابة"، ثم انقطع الخط...
حينما تتصل أسرة حليمة بزوجها الجيلالي الذي يعمل مياوما بأحد المداشر بجبل كثيف الغابة ، يرد الأخير أنه لم يراها منذ عشرين يوما ، وأنها أخبرته خلال آخر لقاء لهما بمدينة ميدلت، حيث يقطنان، بأنها تريد الطلاق وتحلم بالهجرة السرية إلى إسبانيا...
اختفاء حليمة حير الأمن الوطني بميدلت بعد أن تقدمت عائلتها بشكاية تتهم الزوج الجيلالي بأنه المسؤول عن اختفاء زوجته، وفي نفس الوقت تقدم الجيلالي بشكاية يوجه من خلالها نفس التهمة لأسرتها...
عشرون يوما من البحث لم تسفر عن أي جديد يذكر...
رن هاتف الجيلالي، الذي كان عمله بالجبل يقتضي منه حفر آبار بالغابة ليستعملها الحاج عبد الله في سقي قنبه الهندي ، كان المتحدث رجلا:
- ألو ...من معي ؟
- معك ضابط الأمن الممتاز أحمد من ميدلت، نخبرك أنه لدينا جديد بخصوص زوجتك المختفية ، لذا نطالبك بالحضور لمديرية الأمن فورا...
- حاضر سيدي ...حاضر...
يرد الجيلالي بثباث...
بمديرية الأمن يجلس على كرسي خشبي ليحيط به ثلاثة أشخاص ، فيسأله أحدهم:
- إسمك، سنك، حالتك العائلية؟
- إسمي الجيلالي...ثلاثون سنة...متزوج ، من دون أبناء...
يقاطعه الثاني :
- آخر مكالمة لزوجتك حليمة قالت فيها أنها بصحبتك بدوار قرب الغابة في منطقة جبالة...فأين هي الآن؟
- هذا افتراء، أنا لم أراها منذ شهرين فأنا أعمل بحقول جبالة منذ سنتين...ولا أعود لمنزلي بميدلت إلا بعد غياب فرص الشغل هنالك...
يشغل الضابط الثالث مسجل صوت، فكانت المفاجئة...إنها حليمة تتحدث هاتفيا مع أسرتها وتقول أنها بالقرب من غابة بجبالة ...
انهار الجيلالي أمام تلاحق الأسئلة ليعترف بأنه هو القاتل، وأنه غير نادم على ما فعل، فيقاطعه الضابط:
- لكن لماذا قتلتها و أين هي جثتها؟
- قتلتها لأنها كانت تخونني خلال غيابي، وهذا ما أخبرني به أصدقائي بالحي الذي نقطنه...
وسط غابة خضراء وكثيفة، تختلط فيها أشجار السنديان الطوزي و السنديان الفليني تجمهر أبناء الدوار حول الجيلالي و من جاء بصحبته من أمن و درك وسلطة محلية...
قاد الجيلالي الجميع إلى مسرح الجريمة...بئر حفرها قبل شهور ثم سافر إلى ميدلت ليصحب زوجته معه بدعوى إعطائها بدونات كبيرة من الزيت يحتفظ بها بالجبل ...وقبل الوصول إلى الدوار نزل من سيارة النقل السري، ثم سار صحبة زوجته وسط الغابة إلى أن وصلا إلى البئر ، مسرح الجريمة ، فهوى على رأسها بحجرة كبيرة بعد توجيه تهمة الخيانة إليها، فقدت على إثرها الوعي ، فأغرقها في البئر ثم غطاها بالأغصان والأحجار...
هذا ما اعترف به لضباط الأمن...
أخرج السكان جثة الهالكة التي كانت تحتفظ بملامحها كاملة ، زرقاء اللون ، منتفخة الجسد ، على جبهتها آثار ضرب...
كان الجيلالي، المقيد بالأصفاد، هادئا و هو يتابع عملية استخراج الجثة...اقترب منه عزيز أحد أبناء الدوار ثم سأله :
- أحقا أنت من فعل هذا يا جيلالي؟!
فرد الأخير بهدوء :
- نعم أنا...وأنا مرتاح البال الآن...
غادرت الحشود الجبل ...وعاد الزوار لميدلت ، وهناك سيحكم على الجيلالي بعشرين سنة سجنا نافذة...
بعد عشرة أيام بالسجن المحلي أصبحت الكوابيس تقض مضجع الجيلالي ...نعم كل ليلة تزوره حليمة بلباس أبيض ناصع و تردد على مسامعه ما قالته له مباشرة قبل قتلها:
- أنا لم أخنك يوما يا جيلالي...أنا أكثر وفاء مما تتصور...لقد حاول أصدقاؤك أن ينالوا مني خلال فترات غيابك ولكنني لم أطاوع أحدا منهم...لقد خافوا من أن أخبرك بذلك فوسوسوا لك...ورب العزة إني وفية لك أكثر مما تتصور...
تتكرر الليالي وتتكرر الكوابيس...فأصبح الجيلالي يهذي لوحده :
- هل ظلمت زوجتي، وتسرعت بقتلها؟...هل أصدقائي حقا صادقون ، أم أنهم هم الخائنون ؟؟؟؟؟
نظر إلى سرواله المعلق...فكر كثيرا ...ثم فصله على شكل قطع طويلة، فتلها على شكل حبل ثم أوثقه بسقف الزنزانة...
صوت حليمة يتردد بأذنيه: "أنا أحبك يا جيلالي...أنا بريئة ووفية ..."
لم يتمالك نفسه فصرخ بقوة : " حلييييييييممممممممة"، ثم صدم رأسه ثلاث مرات مع حائط الزنزانة ،ليسقط مغشيا عليه.

التعاليق هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "