مذكرات التجاني ،حلقة طائشة
بقلم المودن أحمد
شد الصف معانا الشريف.
يتذكر التجاني أن الأقدار فرضت عليه العودة إلى غفساي لجلب عقود ازدياد لتجديد بطاقته الوطنية...كان الفصل صيفا و الحرارة تتعدى اﻷربعين...و كل الناس على عجلة من أمرهم يريدون قضاء مآربهم بأقصى سرعة...
و قف التجاني في آخر الصف وراء سبعة رجال ينتظر دوره...فجأة مر رجل ضخم، على رأسه " ترازة " و " شاكوش " به منتوجات محلية، أمام الجميع و دخل مباشرة عند الموظف ليطلب منه انجاز ستة عشر نسخة من وثائقه...
نظر الواقفون بالصف إلى بعضهم البعض دون أن يتكلم أحدهم...و على و جوههم امارات الغضب و الأسف...
تقدم التجاني إلى اﻷمام قريبا من الموظف، بعدما فتح جهاز تسجله،ليخاطب الرجل:
- " الشريف شد معانا الصف، راحنا قبل منك..." .
أراد الرجل أن يجيب ولكن الموظف طلب منه السكوت ثم خاطب التجاني :
-" و مالك أنت بواحدك فيك الفز نحيا مهاد الناس كلهم، شنو كيحرقاك ".
ابتسم التجاني و هو يرد :
-" احنا مواطنين بحال بحال...و ثانيا هاد الشي كاين غ فهاد اﻷرض...فبلاد الناس كلشي كيشد الصف..."
و ضع الموظف اﻷوراق التي بيده و اقترب من التجاني مهددا:
-" اسمع السي...فالمدينة كيقولولكم سير منهنا ساعة عاد ولي...و لكن مكين باس..."
توجه لأول شخص بالصف وأخذ منه اﻷوراق ثم طلب منه الرجوع بعد ساعة ، و نفس الشيء فعله مع من يليه ....إلى أن وصل إلى التجاني...أخذ منه دفتر الحالة المدنية وسجل عدد النسخ المطلوبة ثم قال له " عد في المساء " ...
عرف التجاني أن الموظف ينتقم منه...فأجاب :
-" أنا لن أذهب من هنا حتى آخذ أوراقى...الساعة تشير الى العاشرة...و أمامي ستة أشخاص فقط، فلماذا سأعود في المساء؟ " .
ازداد غضب الموظف ليقول :" عد غدا...لا يمكنني انجازها اليوم ..."
ثم تحداه التجاني بأن جلس على اﻷرض معتصما، ومخفيا جهاز تسجيله...
و هنا دخل الموظف في حالة هستيريا و غضب جعلته يتحدى التجاني قائلا:
- " أشوف السي...و الله ويجي محمد....لصوبتلك هاد عقود اﻹزدياد...و متقصرهاش..."
هنا أخرج التجاني جهاز تسجيله ليتأكد إن كان يسجل فعلا..ثم قال :
- " أنت متأكد مما تقول ؟!!!...و خا يجي .....؟"
فيؤكد الموظف كلامه:
- "أياه كنقولها و نعودها، وخا يجي محمد..."
و بسرعة البرق جاء عنده موظف كان يراقب من بعيد ليهمس في أذنه....
ثم انفجر صاحبنا :
-" ليقصرهاش...يسجل ولا ينفرع كاع..."
هنا " أخرج المفتش التجاني " آلة تسجيله و خاطب الموظف بأدب :
- " سأخبرك سيدي أنني سأرفع بك دعوى لدى و كيل الملك الآن...و حجتي هي هذا التسجيل..."
خرج التجاني من اﻹدارة ليتبعه سرب من الناس يرجونه و يستعطفونه...فلم يهتم بهم ليتجه إلى محكمة غغساي...و في الطريق قرر الإتصال بأحد أبناء مدشره الذي يعمل بنفس الجماعة ليستشيره، وقد كان في عطلة، فطلب منه الصديق التريث قليلا...
بعد دقيقتين رن هاتف التجاني...إنه صديقه يطلب منه العودة حالا إلى الجماعة، وأن كل وثائقه جاهزة...
عاد التجاني ليجد وثائقه كما طلبها ومعها وثيقة إضافية لم يطلبها...حاول أن يؤدي ثمن الطوابع فقال له رئيس الموظفين :
-" حشومة...الوجوه بحالك مكيخلصوش التنابر"
فابتسم التجاني و خرج ...
أراد أن يستمع للتسجيل من جديد ليكتشف أنه لم يسجل شيئا...و إلى حلقة قادمة مع تحيات المودن أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "