مذكرات التجاني الحلقة - 70 -
بقلم المودن أحمد من غفساي بتاونات
..... حينما اعترض اللصوص سبيل التجاني ....
اقترب موعد الامتحانات
فاختار التجاني وادي الرحي كمكان مناسب للاستعداد...فكان كل شيء يمر على أحسن ما
يرام باستثناء مادة الفلسفة، فقد اختلطت الأمور عنده، فاشتبك أرسطو مع ديكارت
لينتصر الأخير بشكه، لذا قرر التجاني " نقل " مادة الفلسفة، و هكذا كتب
" حرزا " و أمسكه ب"لاستيك" من جهتين و تدرب على
استعماله...أدخل الورقة تحت قميصه و أخرج " لاستيك " من فوق و ربطه حول
عنقه، ثم أخرج الطرف الآخر من جهة سرواله...و هكذا يجر من أسفل لتخرج الورقة
فيقرأها و إذا أحس بالخطر يكفي أن يطلق " لاستيك " لترجع الورقة
أوتوماتيكيا إلى مكانها الأول تحت القميص...و من طبيعة الحال فقد غلف الورقة بقطعة
بلاستيك شفاف لضمان عدم تمزيقها...
لم يبقى للامتحان سوى يوما واحدا...اختار التجاني عدم المبيت في الداخلية ليلة الأحد، فقد غرر به بعض أبناء مدشره ليطلبوا منه قضاء الليلة معهم بحومة بوشيبة...
طال سمرهم وهم يلعبون " الروندة " لتكون النتيجة صادمة...لم يستيقظ التجاني باكرا ىوم غد الاثنين، و هكذا وصل متأخرا إلى الثانوية ليتم منعه من اجتياز الامتحانات!
صدم و لم يصدق أن حلمه قد تبخر ...فأصبح يتنقل بين الداخلية و جنان المظلي كالأحمق...ثم عاد عند الحارس العام ليتأكد إن كانت سنته الدراسية قد ذهبت في مهب الريح...
سأل الحارس العام عن مصيره، فطلب منه الأخير الانتظار، ليزف له خبرا سارا:
_ لك الحق في اجتياز الدورة الاستدراكية...
كان هذا كافيا ليزرع الأمل من جديد في قلب التجاني الذي كان أول تلميذ يستفيد من هذا الحق بثانوية الإمام الشطيبي....
نجح التجاني رغم كل هذه الظروف ليحصل على شهادة الباكالوريا...فرحته كانت كبيرة، و كذا فرحة أسرته...
سيلتحق إذن بالجامعة حيث يتواجد أبناء مدشره خاصة الحشادي و التاليدي...ليصبح التجاني طالبا جامعيا !!!
مر الصيف سريعا و جاء شهر شتنبر ...اختار الأب " خلوقا " ليصاحب التجاني الى مدينة فاس قصد التسجيل بالجامعة و كذا بالحي الجامعي...و لكن قبل ذلك عليه أن يوصله إلى ظهر المهراز حيث تقطن إحدى بنات عم التجاني صحبة زوجها ب "ديور العسكر"، و ذلك في انتظار الحصول على سرير بإحدى غرف الحي الجامعي...
"خلوق" سبق له أن زار مدينة فاس مرات و مرات، بل سبق له أن عمل بمدينة الحاجب عندما هرب من المنزل ذات يوم، كما أنه يميل إلى الافتخار بنفسه ، و هذا ما يجعله يشتري اللباس الجديد، عكس التجاني الذي لم يجد اللباس المناسب لسفره، فلجأ لأخيه المجاهد ليعطيه "جاكيطة " تتشابه في اللون و الحجم مع " جاكيطة خلوق" ...
وصلت الحافلة إلى " بوجلود " بعد أربع ساعات من السير... نزل التجاني و خلوق ليقرر الأخير عدم الركوب في سيارة أجرة صغيرة بدعوى معرفته الجيدة للطريق الرابطة بين بوجلود و ظهر المهراز...و هكذا سار الإثنان على الأقدام...و ما أن توغلا بين أسوار عالية عرف فيما بعد أنها أسوار حديقة جنان السبيل، حتى اعترض سبيلهما ثلاثة لصوص...كان خلوق يضع " جاكيطته " على كتفه و كذلك كان يفعل التجاني بسبب الحرارة المفرطة...
طلب اللصوص من خلوق مدهم بسيجارة فأجاب خلوق بشجاعة :
- "مالي أنا صاكة ..."
ثم أخرج سكينا كان بجيبه يسمونه " بونقشة " ، و قبل أن يفتحه ضربه أحد اللصوص ليده حتى طار السكين بعيدا ...ثم جر أحدهم " جاكيطة " خلوق و هرب بها، في حين جر لص آخر " جاكيطة " التجاني و لكنه لم ينلها بسبب تمسك التجاني بها...و دون تردد هرب الأخير تاركا خلوق كفهد بلا مخالب وسط كلاب وحشية...
كان التجاني يزيد من سرعته كلما سمع كلمة " أوقاف ، أوقاف " ...مر بأزقة ضيقة ، لينتهي به المطاف بمتاجر كثيرة ...الشخص الذي يلاحقه لازال يطالبه بالتوقف، ليركض التجاني أكثر...
المشكلة العويصة أنه لا يعرف أحدا بمدينة فاس، و ليس معه نقود، و لا يعرف عن هذه المدينة سوى الإسم!!!
فجأة سمع صوتا يناديه:
_ "أوقاف...أوقاف...التجاني...وا التجاني...أوقاف..."
ليطمئن قلبه عند سماع إسمه ، و يعرف في آخر المطاف أن الذي كان يركض وراءه طيلة هذا الوقت ما هو سوى خلوق الذي خاف أن يفقد التجاني إلى الأبد ففضل الركض و راءه عوض محاولة استرجاع ما سرق منه...
توقف أخيرا التجاني و قد كاد يفارق الحياة من كثرة الجري و الخوف...و لحسن حظهما أن النقود و الأوراق لم تكن ب " جاكطة خلوق" ...و أن التجاني كان يمسك بقوة على الملف الذي يحتوي على شهادة الباكالوريا و باقي الوثائق الأخرى...
أخبر خلوق التجاني أنهم بمكان يسمئ "الملاح" ليركبوا في سيارة أجرة صغيرة نقلتهم في أمان إلى " ظهر المهراز " .
وللقصة بقية إن شاء الله.
مع تحيات صديقكم : أحمد المودن من المشاع، ودكة ببني زروال
#أحمدالمودن
لم يبقى للامتحان سوى يوما واحدا...اختار التجاني عدم المبيت في الداخلية ليلة الأحد، فقد غرر به بعض أبناء مدشره ليطلبوا منه قضاء الليلة معهم بحومة بوشيبة...
طال سمرهم وهم يلعبون " الروندة " لتكون النتيجة صادمة...لم يستيقظ التجاني باكرا ىوم غد الاثنين، و هكذا وصل متأخرا إلى الثانوية ليتم منعه من اجتياز الامتحانات!
صدم و لم يصدق أن حلمه قد تبخر ...فأصبح يتنقل بين الداخلية و جنان المظلي كالأحمق...ثم عاد عند الحارس العام ليتأكد إن كانت سنته الدراسية قد ذهبت في مهب الريح...
سأل الحارس العام عن مصيره، فطلب منه الأخير الانتظار، ليزف له خبرا سارا:
_ لك الحق في اجتياز الدورة الاستدراكية...
كان هذا كافيا ليزرع الأمل من جديد في قلب التجاني الذي كان أول تلميذ يستفيد من هذا الحق بثانوية الإمام الشطيبي....
نجح التجاني رغم كل هذه الظروف ليحصل على شهادة الباكالوريا...فرحته كانت كبيرة، و كذا فرحة أسرته...
سيلتحق إذن بالجامعة حيث يتواجد أبناء مدشره خاصة الحشادي و التاليدي...ليصبح التجاني طالبا جامعيا !!!
مر الصيف سريعا و جاء شهر شتنبر ...اختار الأب " خلوقا " ليصاحب التجاني الى مدينة فاس قصد التسجيل بالجامعة و كذا بالحي الجامعي...و لكن قبل ذلك عليه أن يوصله إلى ظهر المهراز حيث تقطن إحدى بنات عم التجاني صحبة زوجها ب "ديور العسكر"، و ذلك في انتظار الحصول على سرير بإحدى غرف الحي الجامعي...
"خلوق" سبق له أن زار مدينة فاس مرات و مرات، بل سبق له أن عمل بمدينة الحاجب عندما هرب من المنزل ذات يوم، كما أنه يميل إلى الافتخار بنفسه ، و هذا ما يجعله يشتري اللباس الجديد، عكس التجاني الذي لم يجد اللباس المناسب لسفره، فلجأ لأخيه المجاهد ليعطيه "جاكيطة " تتشابه في اللون و الحجم مع " جاكيطة خلوق" ...
وصلت الحافلة إلى " بوجلود " بعد أربع ساعات من السير... نزل التجاني و خلوق ليقرر الأخير عدم الركوب في سيارة أجرة صغيرة بدعوى معرفته الجيدة للطريق الرابطة بين بوجلود و ظهر المهراز...و هكذا سار الإثنان على الأقدام...و ما أن توغلا بين أسوار عالية عرف فيما بعد أنها أسوار حديقة جنان السبيل، حتى اعترض سبيلهما ثلاثة لصوص...كان خلوق يضع " جاكيطته " على كتفه و كذلك كان يفعل التجاني بسبب الحرارة المفرطة...
طلب اللصوص من خلوق مدهم بسيجارة فأجاب خلوق بشجاعة :
- "مالي أنا صاكة ..."
ثم أخرج سكينا كان بجيبه يسمونه " بونقشة " ، و قبل أن يفتحه ضربه أحد اللصوص ليده حتى طار السكين بعيدا ...ثم جر أحدهم " جاكيطة " خلوق و هرب بها، في حين جر لص آخر " جاكيطة " التجاني و لكنه لم ينلها بسبب تمسك التجاني بها...و دون تردد هرب الأخير تاركا خلوق كفهد بلا مخالب وسط كلاب وحشية...
كان التجاني يزيد من سرعته كلما سمع كلمة " أوقاف ، أوقاف " ...مر بأزقة ضيقة ، لينتهي به المطاف بمتاجر كثيرة ...الشخص الذي يلاحقه لازال يطالبه بالتوقف، ليركض التجاني أكثر...
المشكلة العويصة أنه لا يعرف أحدا بمدينة فاس، و ليس معه نقود، و لا يعرف عن هذه المدينة سوى الإسم!!!
فجأة سمع صوتا يناديه:
_ "أوقاف...أوقاف...التجاني...وا التجاني...أوقاف..."
ليطمئن قلبه عند سماع إسمه ، و يعرف في آخر المطاف أن الذي كان يركض وراءه طيلة هذا الوقت ما هو سوى خلوق الذي خاف أن يفقد التجاني إلى الأبد ففضل الركض و راءه عوض محاولة استرجاع ما سرق منه...
توقف أخيرا التجاني و قد كاد يفارق الحياة من كثرة الجري و الخوف...و لحسن حظهما أن النقود و الأوراق لم تكن ب " جاكطة خلوق" ...و أن التجاني كان يمسك بقوة على الملف الذي يحتوي على شهادة الباكالوريا و باقي الوثائق الأخرى...
أخبر خلوق التجاني أنهم بمكان يسمئ "الملاح" ليركبوا في سيارة أجرة صغيرة نقلتهم في أمان إلى " ظهر المهراز " .
وللقصة بقية إن شاء الله.
مع تحيات صديقكم : أحمد المودن من المشاع، ودكة ببني زروال
#أحمدالمودن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "