22‏/3‏/2017

الطَمَّاع

قصة قصيرة للعبرة فقط

تنقيح وتصرف: المودن أحمد


 كان عمي "عْلِيلُو" أفقر رجل بالقرية، لا يملك سوى حمارا متواضعا وزوجة طيبة وأطفالا سبعة، لكن منزله كان الأجمل بحيطان بيوته الناصعة البياض، وسقوفها المنمقة، والعرصة أمامه يتوسطها " دَيْدْبَانْ " مغطى بالكروم والعنب يتدلى منه ،، خضراء على الدوام ، و فناء شاسع فارغ... فكانت بذلك نقطة الضوء الوحيدة في حياته.
 كان رجال القرية يذهبون الى السوق على بغالهم، بجلابيبهم الجميلة وعممهم البيضاء، فيما كان هو بذهب على حماره ويعود متأخرا بطربوشه الباهت وجلبابه البالي.
 ذات يوم جاءه كساب ثري من قرية مجاورة يود كراء فناء بيته ليبيت فيه قطيع أغنامه وماعزه، فطلب منه مهلة للتشاور.
وفيما سال لعاب الأب للمبلغ ،مساندا بالاطفال، عارضت الام الامر جملة وتفصيلا ،  و اكتفت بنصحه قائلة:
- اذا ابتلاك الله بالفقر فلا تبحث عن الخلاص وسط الازبال.
 كانت الغلبة للاب وامضي العقد وسط حفل بهيج اقامه الثري، مقترحا على الاب ان يرعى ابناءه القطيع، وذلك تعاطفا منه حتى يعم الخير على الجميع، واعدا اياه بأضحية العيد.
 الأطفال يرعون القطيع ، والأم تكنس الفناء من الازبال، والاب يصرف المبالغ على نفسه،فقد  اشترى بغلا ، جلبابا وعمامة، وما أن أصبح يسبق الجميع الى السوق حتى انتقل الجرب من الجديان الى أطفاله، واتسخ منزله ومرضت زوجته وقضمت الماعز أغصان الكروم والتين ، وبات يصرف يمينا وشمالا حتى باع البغل والحمار معه،
قرر عمي عليلو مطالبة الرجل الثري بابعاد قطيعه لكن الأخير واجهه بالعقد الذي بينهما وان سنة أخرى سيقضيها القطيع بالفناء. 
و جد المسكين نفسه مرغما على بناء خيمة على اطراف القرية، ثم سكنها هو وأبناءه وبات يمشي للسوق على قدميه ، فيما عزل الثري أبناءه من وظائفهم ،ليجدوا أنفسهم عرضة لاستهزاء الناس و سخريتهم بأن أيصبحوا ينادونهم: " أبناء عليلو لقرع "وذلك لخلو رؤوسهم من الشعر بسبب الجرب الذي اصابهم.
ملاحظة:
- النص الأصلي لكاتب صاعد فضل عدم ذكر اسمه، و التنقيح للمودن أحمد و هي مشاركة منا بمناسبة الحملة ضد مطرح جماعة ودكة. 
- عليلو عند أهل جبالة هو تصغير لاسم " علي "  .
 
                               

هناك 7 تعليقات:

  1. غير معرف22/3/17

    حميد الگرضى
    مقال ذكي لمن يعنيه الأمر وذلك لاستخلاص العبر وعدم المجازفة بصحة الإنسان التي هي أعز ما يملك . تحياتي سي أحمد

    ردحذف
  2. غير معرف22/3/17

    Ben Ali Oudki
    تنبيه ذكي ورائع لمن يهمه الامر
    شكرا اخي أحمد

    ردحذف
  3. غير معرف22/3/17

    Ai Mah
    سلمت اناملك سي المودن.

    EL Moudden Ahmed
    وسلمت أنامل من دفع المودن ليحرك أنامله أيضا

    ردحذف
  4. غير معرف22/3/17

    Fatima Riane
    كان عليه اتباع نصح الزوجة.

    Ab Do Abdo
    قبح الله الفقر

    Nezha Cheddadi
    رائع

    Mostafa Gold
    جزاك الله خيرا

    ردحذف
  5. غير معرف22/3/17

    Hassan El Alami
    تحيى أفكارك النيرة التي لطالما تبحرنا في ملاذ تلك الكلمات الغنية بتراث اجبالة ونخوتهم وتاريخهم البسيط الذي كان مليئا بالمحبة والصدق والوفاء للآخر والتازر مع الجميع دائما المشعل يضيء ولو كره الكارهون

    ردحذف
  6. تحياتي سي احمد. هذا المقال ينطبق على المثل السائد لبس قدك يواتيك

    ردحذف
  7. غير معرف22/3/17

    محمد السباعي
    نور الله فكرك سي احمد المودن واصل كتاباتك دمت فخرا واعتزازا

    Mounir Chakir
    كم حسّنت لذّة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر أنّ السّمّ في الدّسم

    Lazrak Jaouad Ghafsai
    نعم انها قصة رائعة للعبرة. " لبس قدك يواتيك" كما يقول المثل

    Tahraoui Chakir
    الله يوفق السي احمد قصة جميلة

    Sami Rabat
    قصة جميلة ذات عبر و معاني شكر لك جزيلا على امتاعنا الله يوفقك

    Mohammed Bousraraf
    لا خوف على من يمتلك ناصية الكتابة والعبرة لمن يعتبر.

    Smouni Mohamed
    تحياتي...
    ..لولا القمصان لقلت ثلاث حبات من البطاطا...!!!؟؟؟.هكذا يفهمها الذين لا يغوصون بين السطور...!!؟؟

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "