24‏/10‏/2017

دوار المساجين


قصة قصيرة بقلم المودن أحمد

 


لأول مرة في حياته يحس بالغبن والكراهية...أصبح يلعن كل شيء حوله...أحس باﻹختناق بالداخل فقرر الخروج إلى حيث يرى الناس ولا يرونه...
قصد ربوة عالية وأسند ظهره إلى صخرة كبيرة و أعطى الفرصة لمؤخرته لتتلقف الدفء الذي تبعث به اﻷرث عن طريق تربتها القاحلة...
على مرآى بصره يمتد الدوار، منازل متفرقة وكلاب تنبح من دون سبب ...لا بشر يتحرك وكأن الناس رحلوا جميعهم ولم يتركوا سوى الكلاب و الحمير لتتناوب على النباح والنهيق...
توقف طويلا عند ذاك البناء الذي لم يكتمل ...إنه منزله...طابق سفلي لم يستصلح بعد وطابق علوي عبارة عن أسوار تنتظر من يكمل بناءها...
هو يعرف أن هذا المنزل من بين أسباب تعاسته...فقد أخذ قرضا لبنائه واستدان مواد البناء...لكن "العشبة " غدرت به...
نعم ضعفت تجارة القنب الهندي و السلع التي تستخرج منه...فتراكمت الديون على العياشي، فلم يعد يستطيع الذهاب إلى السوق ولا الرد على الهاتف ولا فتح باب داره...
أحس بهدوء وسكينة فراح يتجول ببصره بين أشجار الغابة المجاورة ثم يطوف على قمم الجبال المحاصرة للقرية...ولم يخرجه من وحدته سوى رنين هاتفه...نظر إلى الشاشة محاولا قراءة إسم المتصل ...فلم يصدق عيناه ...إنه " ...."
تنفس بعمق وردد مع نفسه: " الله يسمعنا خبر الخير ".
- ألو...
- ألو ...شوف راه اصحاب الحال جايين يشدوك...إيلا عندك شي سلعة فالدار هربها...راه شي واحد دار بك شكاية مجهولة...
أغلق الهاتف وودع الدوار بعينيه...أخرج بطاقته الوطنية المنتهية صلاحيتها ووضعها صحبة الهاتف بحفرة وغطاها بالتراب...ووضع شاهدا من الحجر فوقها ، ثم ركض نحو الغابة مقررا العودة إلى الحياة البدائية...
أنشأ نوالة، واتخذها مرقدا له، ولم يعد يزور الدوار إلا بعد منتصف الليل...

                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "