13‏/6‏/2016

ذكريات رمضان: " حريرة المزاليط "

 ذكريات رمضان: " حريرة المزاليط "

بقلم المودن أحمد

استغرب التيجاني و هو يرى سيارة الشرطة تقف غير بعيد من بيته، يترجل منها شرطيان ثم يناديان باسمه!!!
 نزل من شقته و اتجه صوبهما و هو يتساءل عما ارتكبه من جرم يجعل الشرطة تطلبه في النصف الثاني من الليل!
التحق بسيارة الشرطة ليجد جاره هناك ...
جار التجاني هذا رجل مزاجي و فريد من نوعه...لا يكلم أحدا...يدخن سيجارة  " كازا " بكثرة ...ويعاني من اضطرابات نفسية ألزمته المكوث بمستشفى الأمراض النفسية قبل سنوات...
كان  يوما حارا من أيام رمضان...سمعت زوجة التجاني صراخا بالطابق الرابع حيث يسكن الجار " العربي "...إنها زوجته تستغيث و تردد بأعلى صوتها : " وعتقوا الروح أعباد الله " ...
لم يهتم التجاني بهذا الأمر، فقد اعتاد على صراع هذا الجار و زوجته منذ حل شهر رمضان...حتى أصبح الأمر عاديا لدى قاطني العمارة...
اشتد الصراخ...و تعالت أصوات النجدة من طرف الجارات...فتوجهن عند التيجاني يطلبن تدخله...رفض في البداية ، لكن أمام بكاء الأطفال المحتجزين بساحة الحرب...توكل على الله و قرر التدخل...كان الباب محكم الإغلاق...الصراخ يشتد...الأطفال يستغيثون و يبكون...الزوجة تتبادل الضرب مع زوجها و تستغيث...ثم سمع صوت أشياء تتكسر بالمطبخ...بل و دوي ارتطام طنجرة الضغط مع  الحائط لتتوقف صفرتها عن الدوران...
بدأت الجارات تدقن على الباب بعنف ، ثم شاركهم التيجاني في محاولة فتح الباب خاصة بعدما بدأت رائحة الغاز تتسلل للخارج...
فتح العربي الباب ليجد التجاني في المقدمة، فهجم عليه، ليشتبك الإثنان و يتبادلا اللكمات...
المهم تمكن التجاني من التغلب عليه و انقاذ الأطفال و الزوجة من اختناق وشيك...كانت الحريرة في كل مكان...بقع على الحائط وأخرى على الفراش...الحمص متناثر هنا و هناك...أواني مكسرة ...أطفال متذمرون يبكون و يستنجدون بالتجاني...
خرج الجار العربي و أخذ معه بنتين صغيرتين ، و انصرف لوجهة مجهولة ...و بعدها بدقائق نودي لصلاة المغرب ليعود كل و احد لشقته، بعدما قدمت الجارات الأربعة فطورا للجارة المنكوبة و أبنائها  و ساعدنها في تنظيف البيت و إعادة ترتيبه...
لم يعد الجار العربي رغم حلول الظلام ...بل و دخل الليل في نصفه الثاني دون أن يرجع...
حوالي الثانية صباحا فوجئ التجاني بشرطيين يناديان عليه...ذهب معهما لسيارتهما ليجد جاره العربي هناك...
سأله أحدهم عن سبب اعتداءه على جاره العربي و طرده إياه من منزله صحبة بناته...فابتسم التجاني و هو يجيب :
_" ياسيدي أنا فقط تدخلت لفض نزاع هذا الرجل مع زوجته ليهاجم علي، فدافعت عن نفسي...و لتتأكد من كلا مي اسأل زوجته و الجيران "
تمت المناداة على الزوجة لتؤكد كلام التجاني...و هنا جره الشرطي بعيدا ليخبره أن دورية الشرطة كانت تقوم بجولة بالمدينة لتفاجئ بهذا  الجار جالس صحبة بناته  بمكان مظلم...ولما سألوه عن سر تواجده هناك ، أكد لهم أن جاره اعتدى عليه و طرده من بيته...وهذا سبب قدومهم في هذا الوقت المتأخر من الليل، ليختم الشرطي كلامه بنصيحة على شكل ترهيب :
_ " في المرة القادمة إذا رأيت أحدا يقتل الآخر ، فغير الطريق..."
طأطأ التجاني رأسه و عاد لبيته حزينا...ليعم الصمت بالعمارة...
يوم غد و بالضبظ قبل آذان المغرب بساعة علا صراخ من جديد " و عتقوا الروح أعباد الله..."
ابتسم وهو يتذكر نصيحة الشرطي و غضبه...

 
                                                                    

هناك 13 تعليقًا:

  1. غير معرف16/6/16

    Jamal Fasi
    هههههه اشداك أخويا أحمد مدير خير ميطرا بأس

    ردحذف
  2. غير معرف16/6/16

    Mohamed Serghini
    النقص الحاصل في ذات اليد اخي أحمد هي التي تدفع الى مثل هذا الشجار داخل الاسرة التى يكثر عدد افرادها وعدم القدرة على تلبية طلبات لكل واحد على حدة. فيكون الشيجار والتشابك منفذا لتخفيف الضغط او الهروب من الامر الواقع،او ربما با العربي "مبلي" والله يعفو عليه لايجيد المادة الكافية لتلبية نشواته ونزواته وهذا هو حال الموطن المقهور عند الزمان واهل الحال.

    ردحذف
  3. غير معرف16/6/16

    Abdelali EL Kassimi
    اخاي احمد انت نويت غير الخير واجرك على الله اما مدير خير ميطرى باس هذا خطأ لدى كثير من الناس لكن بعض الناس اشرار شياطين لا يعرفون الخير انا ايضا واجهت الخير بالشر لكن نحتسبه على الله

    ردحذف
  4. غير معرف16/6/16

    خالد التسير
    فعلت الصواب ولكن في زماننا لا تعمب بهذا المثل " طلع تاكل الكرموس انزل يا من قللهالك "

    ردحذف
  5. غير معرف16/6/16

    Ali Remmah
    ابعد عن الشر وغنيلو . رمضان مبارك سي احمد.

    ردحذف
  6. غير معرف16/6/16

    Mohammed Bousraraf
    تحية ل سي المودن على صياغة رواية في موضوع الترمضينة وأصحاب النزاعات في علاقتها بالبلية والسوابق وضجيج العمارة وما إلى ذلك.
    نشرت الرواية القيمة قبل أربع ساعات ولم أتمكن من وجودها على حائطي الا بعد أذان المغرب بحوالي 45 دقيقة. ربما الفيسبوك يؤجل تمكيننا من قراءة جديد سي أحمد المودن الذي نتعطش إليه
    أغبطك سي أحمد على خيالك الواسع وعلى قدرتك اقتناص المواضيع الاجتماعية الطريفة والحزينة في نفس الوقت.
    أما قضية محاولة فض النزاعات وما تحمله من مخاطر وتلفيق تهمة الاعتداء على الجار وحضور الشرطة ونصائح بعضهم الخالية من النكهة الإنسانية فتلك حكاية أخرى.
    رمضان مبارك سي أحمد .

    ردحذف
  7. غير معرف16/6/16

    Mfadal El Atifi
    يقول المثل مدير خير ميطرا باس،
    تصور لو ان زوجته شهدت ضد التيجاني وهذا امر وارد، ماذا كان سيقع، ربما لاتهمه بامور أخرى جد خطيرة وأصبح التيجاني متابع قضائيا وفكها يامن وحلتها

    ردحذف
  8. غير معرف16/6/16

    Ali Remmah
    قيل لي يوما : إذا أردت ترغيب الناس في القراءة فكأنك تنطح حجرا لتلينه ، لا الحجر سيلين ولا رأسك ستبقى رأس . ضحكت وقلت : لماذا لا يكون ترغيبي للناس في القراءة كمن يضرب رؤوسهم بحجر ، أعتقد أنها ستلين من الضربة الأولى.

    ردحذف
  9. غير معرف16/6/16

    EL Motaki Souad
    في البداية اعتذر اخي احمد عن التاخير للالتزامات العملية فقط ، و بخصوص ما كتبته اليوم من مذكرات التيجاني فهي تعكس واقع معاش لا نستطيع نكرانه و في رايي ان ما فعله التيجاني هو عين الصواب لان للجار حق على جاره حتى لو راى منه ما لا يسره فهو يحتسبه عند الله لان الاعمال بالنيات و لكل امرئ ما نوى , وقد قرات تعليقك بان لك كتابات و هي حبيسة درج مكتبك فلم يا اخي احمد و نحن متعطشين لقراءة جديدك فهاتنا و لا تبخل علينا و ستجدنا ان شاء الله من المتتبعين فاستعن بالله و توكل عليه وابدا بالنشر من اللحظة فنحن ننتظر كتاباتك بلهفة موفق والله المعين

    ردحذف
  10. غير معرف16/6/16

    Monim Lazar
    ما تدير خير ما يطرا باس، مسيرة موفقة سي احمد دمت متألقا

    ردحذف
  11. EL Moudden Ahmed
    شكرا على مساندتكم و أحاسيسكم الصادقة...أنتم تعلمون جيدا الوقت الذي تأخذه منا الكتابة و النشر، و بعد أن تمر بهذه المراحل تجد نفسك أمام جمهور نصفه يقرأ العنوان و ينظر للصورة المصاحبة للنص ثم يضع جيم و ينصرف...هذا الأمر يولد إحباطا لدى المبدع المبتدإ...و أنا بدوري أدخل الى الفايس و أبحث عما أقرأه فأحيانا أجد أشياء أتفاعل معها و أحيانا أخرج بخفي حنين...و لكن لا تقلقوا بخصوصي ، فأنا حتى و إن لم أنشر، فأنا أكتب دون توقف، لأنه لدي مشروع أكبر من مجرد النشر بالفايسبوك...إنني أعتمد كثيرا على مساندتكم و آرائكم ، و أفرح إن و جدت من أصدقائي رد فعل كيفما كان، وأحزن إن لم أستطع صنع هذا التفاعل سواء الايجابي أو السلبي...و المهم في الأمر أنني استطعت كسب احترام مجموعة من الأصدقاء، بل أن بعضهم أصبح صديقا فعليا بعدما كان افتراضيا

    ردحذف
  12. غير معرف16/6/16

    Nordin Nordin
    بالاضافة الى مشكل الترمضينة الذي اثرته،بدا مشكل اخر ربما اكثر اهمية في اعتقادي .في بعض الاحيان نقف مواقف مثل هذه ولا ندري ماذا نفعل ....

    ردحذف
  13. غير معرف16/6/16

    Badre Tajdine
    Enniya d bni zeroual hiya li daretha !!

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "