30‏/3‏/2017

انتصار " العروبية "

 من مذكرات التجاني

- الجزء الثالث و اﻷخير" الانتصار "

بقلم: المودن أحمد من ودكة.

كانت أول خطوة اتخذها التجاني هي تنزيل برنامج يسمح له بتسجيل المكالمات الهاتفية...و بعدها أعطى مهلة شهر للجيران قصد وضع عداداتهم الخاصة...
مرت اﻷيام ثقيلة...وفي كل مرة يتصل فيها بالعدل كان اﻷخير يبحث عن مبررات، لعل أغربها أن زميله الذي يُمضي معه ذهب للجزائر للتعزية في أحد أفراد عائلته ولم يعد بعد...
اكتشف التجاني أخيرا أن أبا شعبان مدمن على لعب القمار...و أن مصاريف التسجيل ارتفعت بسبب التأخر...فكتب شكاية لنقيب العدول الذي لم يبدي أي تعاون...كما لجأ لقاضي التوثيق الذي نصحه برفع دعوى ضد العدل " المحلف "...ليصل إلى الباب المسدود...
وبينما التجاني بمكتبه يوما، حزينا مهموما، جاء عنده أحد العاملين بسلك القضاء، فطلب منه استشارة بخصوص النازلة...فنصحه القاضي قائلا:
- عليك بتقديم شكاية لنائب وكيل الملك لدى محكمة الإستئناف وليس المحكمة اﻹبتدائية...
 كتب التجاني شكايته بنفسه وطبعها واستخرج منها ثلاثة نسخ...وضع إحداها بمحكمة الإستئناف...واحتفظ بنسخة عليها طابع المحكمة ليحملها بنفسه لنائب وكيل الملك شخصيا بمكتبه بعد أسبوعين....
تعرض لتفتيش دقيق ثم اﻹحتفاظ ببطاقته الوطنية...بعدها اقتحم المكتب بعد دق خفيف على الباب ليجد نفسه فوق بساط مؤثث بالزرابي، يبعث الرهبة في نفس السائر فوقه...
كان السيد النائب متفهما ووعد التجاني بالقيام باللازم عاجلا...
 بعد يومين اتصل أبو شعبان بالتجاني ليهدده قائلا:
- سأصل معك إن شئت إلى محكمة النقض ...
التزم التجاني بهدوئه وهو يعرف أن المكالمة تسجل...فجَرَّ أبا شعبان لتهديدات أكبر.
ولم يطل انتظاره كثيرا...فقد جاءه استدعاء من الشرطة قصد اﻹستماع إليه...
دخل التجاني ولاية الأمن باحثا عن المكتب (...)...كان به شرطي يلبس ملابس مدنية...تأكد من هوية التجاني ثم طلب منه حججا مادية لاتهامه...
استمع لبعض المكالمات...ثم شاهد الشريط المصور...و نسخ التوصيل و النسخة الموجزة...ثم وجه أسئلة كثيرة للتجاني...أشعل سيجارة ...ثم أعاد نفس اﻷسئلة مرة ثانية وبدأ يضرب على آلته الكاتبة...
حينما انتهى المحقق من تحرير محضر اﻹستماع طلب من التجاني التوقيع...لكن اﻷخير اعتذر بلطف طالبا اﻹطلاع على مضمون المحضر قبل اﻹمضاء...فوافق المحقق على ذلك.
كثرت اتصالات العدل أبا شعبان وكلها تهديد ووعد ووعيد...لتنتهي بطلبه لقاء التجاني، الذي رفض فكرة اللقاء.
بعد أيام سيتصل من جديد طالبا من الضحية التنازل عن الدعوى مقابل العقد...وبعد مفاوضات عسيرة استسلم العدل وأنجز العقد بعدما أدى مصاريف التسجيل و ذعائر التأخر والتماطل...فسلم العقد لصاحبه ثم اتجها معا إلى المقطعة الحضرية حيث أمضى التجاني التزاما بالتنازل عن الدعوى...
وعند توديع بعضهما البعض خاطب أبو شعبان التجاني قائلا:
- أتدري يا السي التجاني ماذا سأقول لك؟... والله
إني أفتخر بأمثالك...
كانت هذه الشهادة أقوى أثرا في نفس التجاني من مسألة حصوله على العقد النهائي بعد ثمانية أشهر من العذاب النفسي...أما اﻷروع من ذلك فقد تسلم أغلب الضحايا عقودهم، وتمت إحالة باقي العقود التي لم تستوفي الشروط على عدول آخرين...و تم عزل العدل أبي شعبان من مهنة التوثيق...ولازل متابعا في حالة فرار...
هذا و قد احتفل التجاني وأهله بهذا الانتصار واجتمعوا حول " كصعة " كسكس...




 
                               

هناك 13 تعليقًا:

  1. غير معرف30/3/17

    عادل العبودي
    سي احمد شكر وألف شكر وترفع لك القبعة أيها الرائع اختيارك لهذه المنشورات صائبة كالعادة . مزيدا من التألق أخي الكريم احترامي مع موفور مودتي .

    ردحذف
  2. غير معرف30/3/17

    عثمان النقلي
    سنتفاعل ونتفاعل لكي لا نخسر كتاباتك سي احمد لذا سنبقى اوفياء لتدويناتك يا مبدع الجبل

    ردحذف
  3. غير معرف30/3/17

    Alilou Zerouali
    والحق ما شهدت به الاعداء.... حمدا لله لقد ارحت نفسك والعباد معك ، لقد اشفيت غليلي..

    ردحذف
  4. غير معرف30/3/17

    Abdelilah Tahir
    سي احمد شكرا لك ولإطلالاتك الادبية التى أصبحنا نفتخر بها وبانتماء صانعها لقبيلتنا المكلومة ...تحياتي يامروض الحروف

    ردحذف
  5. غير معرف30/3/17

    Abdelfadil Grimet
    هل تعلم السي أحمد أنك بمثل هذه المذكرات و الوقائع تفيد الآخرين من حيث لا تدري كي يحترسوا في تعاملاتهم مع العدول و الموثقين حيث تكثر عمليات النصب و الاحتيال.أحييك على شجاعتك ،ننتظر منك المزيد

    ردحذف
  6. غير معرف30/3/17

    EL Moudden Ahmed
    أخبر الأصدقاء الأعزاء أنني سأتوقف عن نشر هذه المذكرات مؤقتا لأنني لست راضيا عن نسبة التفاعل معها...و شكرا

    Abdellah Asfoury
    ونحن نعتبر هذا ابتزازا ... واصل او ندبر عليك حتى انا...عاود سجل ضدي شكاية اسي احمد

    EL Moudden Ahmed
    الأصيل أصيل...لا يتغير ... ينفع و لا يضر...تحياتي لك...

    Mourad El Betioui
    واصل اسي احمد نحن بجانبك

    ردحذف
  7. غير معرف30/3/17

    Alaeddine Saadallah
    Bravo pour tijani. Rares sont ceux qui puissent gagner l'affaire intelligemment. Nous étions victime d'une escroquerie ressemblante à cette histoire mais... en vain...!

    ردحذف
  8. غير معرف30/3/17

    حميد الگرضى
    الإصرار على انتزاع الحق وعدم الخضوع والإستسلام هو ما مكنك من الحصول على حقوقك كاملة وهي عبرة لكل من سلب منه حقه أو ضاع أن لا يستسلم . فالحقوق تنتزع ولا تعطى
    ادريس العبودي
    ما ضاع الحق ووراءه طالب

    ردحذف
  9. غير معرف30/3/17

    LààbouDi Pia
    الحق ينتزع ولا يعطى انتصار رائع ذهاء ومكر التجاني "العروبي" فاق السمسار المنشار

    تينزةادريس تاونات
    الحيلة يابن خالتي

    أنيس الخير
    تحياتي لك التجاني نستفيد صراحة من قصصك هذه.

    ردحذف
  10. غير معرف30/3/17

    Sami Rabat
    الأستاذ المودن حسب راءي المتواضع أن الذين تفاعلوا مع قصتك الشيقة و الرائعة هم أناس من محبي و عشاق كتاباتك و بفضلك تم إزالة الغبار تاريخيا عن قبيلة بني زروال القبيلة الشامخة المقاومة التي طالها النسيان و التهميش. فلا تيأس لأن نسبة القراءة اصلا أصبحت متدنية وطنيا. فإن توقفت سنتعطي فرصة للذين يستفيدون من جعل هذه المنطقة منطقة منسية لا يعرفها أحدا جغرافيا و تاريخيا و ثقافيا. دمت متألقا و ناجحا.

    ردحذف
  11. غير معرف30/3/17

    Mfadal El Atifi
    قصة جميلة . خاصة عندما تكون النهاية بالانتصار وتختتم بالاحتفال

    ردحذف
  12. غير معرف30/3/17

    Mohammed Bousraraf
    لطف التيجاني وطيبوبته ونقاء سريرته وعصاميته في مقدمة براهين مسموعة ومرئية وثبوتية لذحر تلاوين النصب الذي تعرض له ؛مما يدل على أن البدوي ليس طيعا لتنطلي عليه حيل ومكائد السمسار المنشار أو غيره.
    اللهم بارك الأسلوب والذكاء.

    ردحذف
  13. غير معرف31/3/17

    Abdou Makouar
    قصة مشوقة ومؤثرة أسي أحمد واصل مزيد من التألق

    Ali Rouifi EL Akhdary
    تحياتي سي أحمد نحن نفتخر بيك و بي كتاباتك دمة للإبداع وفيا

    Hassan El Alami
    لقد كان التجاني جبلي بمعنى الكلمة طارت معزة وقد انتصر بذكائه رغم كل الظروف النفسية فهو يقول انا جبلي وافتخر شكراً للتجاني وتحياتي واحتراماتي للأستاذ سي أحم

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "