قصة واقعية بقلم المودن أحمد
الليل أسدل ستاره...و نامت عيون اﻷطفال بعدما يئسوا من انتظار عشاء لم ينضج بعد ، أو لن ينضج أبدا...نام سكان المدشر و لم يبقى سوى نباح الكلاب يكسر صمت الليل...
كان " جبالة " و صديقه " المدني " يحملان ثورا سمينا على أكتافهم و هما يتجهان نحو منزل "جبالة "،بعدما سرقوه من مدشر بعيد...إنها "السيبة " التي ميزت تاريخ قبيلة بني زروال أواخر القرن التاسع عشر الميلادي...
تم ذبح العجل و سلخه من طرف اللصين الذان اشتهرا ببنيتهما القوية...و فجأة ضرب " جبالة " صديقه فأرداه قتيلا...وبسرعة فكر في الحل ...حفر حفرة وسط منزله ثم دفنه فيها،و عاد للعجل ليكمل تقطيع لحمه...
بعد أيام قليلة عمت الرائحة بيت " جبالة " الذي كان عازبا ويسكن لوحده...
ضايقته الرائحة الكريهة فقرر أن يبعد الجثة عن البيت...
اغتنم فرصة صعود القمر ذات ليلة ثم أخرج الجثة و قطعها إلى عدة قطع وضعها في كيس كبير ثم حملها على ظهره صحبة مجموعة من اﻷوتاد الخشبية الكبيرة بعدد قطع الجثة.
اتجه نحو غابة جبل ودكة لينفذ ما خطط له...وما أن تغلغل في الغابة حتى صادفه أحد أبناء الدوار ...كان قادما من " الحكيم " وهو عبارة عن "جنان "به أشجار الزيتون و التين...
ودون وعي منه هدد جبالة الشخص الذي صادفه بالقتل إن هو أفشى السر...لكن صاحبنا وعده بالكتمان...
لم يكمل الشخص طريقه نحو الدوار بل تبع جبالة ليعرف سره...
وصل اجبالة إلى ضاية يسميها أهل الدوار " أفرط وذمام " ، أنزل الكيس و اﻷوتاد ثم عاد مسرعا محاولا اللحاق بالشخص الذي صادفة بغية تنحيته هو اﻵخر...
صاحبنا كان ذكيا فقد تسلق قبل ذلك شجرة بلوط فليني و بدأ يراقب ما سيفعله جبالة بمحتوى كيسه...
كان يخرج أشياء ثقيلة من الكيس ثم يدخل فيها وتدا و بعدها يدقه داخل الضاية محاولا اخفاء محتوى الكيس تحت الماء...
ليرجع بعدها جبالة لحال سبيله، وبعدها تبعه الشخص بعدما تأكد من ابتعاده...
احتار الشخص في أمره فهو يريد اكتشاف السر المدفون بالضاية و لكنه يعرف أن أي شبهة ستودي بحياته...
اتجه إلى المسجد الذي كان به الكثير من "المحاضرة" وهم مجموعة من حفظة القرآن الكريم فاقترح عليهم الذهاب" لأفرط وذمام " للسباحة خاصة و أن الفصل فصل صيف و الجو حار...
دفع بالطلبة للسباحة و ابتعد ليراقب من بعيد، و هكذا كلما لامس أحدهم وتدا،طفى على سطح الماء بما حمل...
عاد الطلبة مسرعون إلى الدوار ليخبروا الفقيه، ثم انتشر الخبر ليصل إلى كل سكان الدوار ليتم التعرف على الشخص المقتول...إنه المدني ...
لم تمر سوى أيام قليلة حتى سمع في إحدى لياليها صوت بندقية...إتجه الناس صوب مصدر إطلاق النار ليجدوا جبالة يسبح في بركة دماء...ثم أطل احميذو من مخبئه وكأنه أسد يخرج من عرينه وقد ثأر لابنه بنفسه...
جاء أهل حومة المشاع الفوقي المجاورة ليثأروا لحليفهم جبالة لكن حميدو ملأ بندقيته من جديد ثم خاطب المتجمهرين :
- لصكم قتل لصنا و نحن قتلنا لصكم ...إن أردتم أن نقف عند هذا الحد فهو كذلك...وإن أردتم أن نستمر فهاهي بندقيتي ممتلئة..."
وهنا انتهى الثأر بين العائلتين لينطلق من جديد سنة 1971 بعملية قتل رهيبة لكن هذه المرة كان للمخزن حضور قوي و عنيف و هذا ما سنحكيه لكم في قصة قادمة بحول الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "