14‏/11‏/2017

نوادر جبلية 2

هل كان أبي حكيم زمانه؟

بقلم المودن أحمد من المشاع / غفساي / تاونات

و أنا ممدد بغابة جبل ودكة في جو رومانسي بديع فوجئت بشخص أعرفه جيدا...وبعد التحية انطلق في الدعاء لأبي والترحم عليه...ثم بدأ يتحث عنه دون أنأطلب ذلك منه:
- أبوك كان حكيما، ولم نعرف قيمة الحاج محمد بلحسينو إلا بعد وفاته...لقد قال لي يوما حكمة تزن ذهبا...نعم قال لي وهو يتأسف على جيل اليوم " هاد الزمان ما دصيب غير اللي كيقول " طاكوك طاكوك " مدصيبشي اللي يقول " باردة باردة " ...
ودعني محدثي وتركني أحلل معنى الحكمة...فرجعت بي الذكرى إلى حياة المرحوم أبي...
يحكي عنه أهل المنطقة أنه كان ذكيا وحكيما يقدم المشورة للسائلين عنها بل وترك درسا يتداوله الناس ويرحمونه عليه...فقد حدث في أواسط التسعينات من القرن الماضي أن قامت السلطة باعتقال مجموعة من أبناء دوار المشاع بسبب زراعتهم للقنب الهندي...وطبعا لم يتردد سكان في تنظيم مسيرة احتجاجية لغفساي...وبعد أن أوصلوا صوتهم للسلطات هناك ظهرت طائفة تطالب بالذهاب إلى عمالة تاونات، وهنا تدخل الرجل الحكيم و قال لهم ما معناه " خليوها فالكبيرة...و يالله نمشيو بحالنا...راه الخبر وصل من تاونات ليهن..."
طبعا لم يهتم بكلامه سوى القليل من الناس، وبعدها قامت القوات المساعدة بالهجوم على السكان بالهراوات فتفرق شملهم في كل اتجاه...فمنهم من تبلل بوادي أولاي ومنهم من وجد نفسه " بشقف صحفة "...
وعند العودة كان الجميع يردد " يا ليتنا اتبعنا نصيحة محمد بلحسينو "
أما أبي رحمه الله فكان يردد حينئذ " اللي متبع رأي كبيرو...فالهم تدبيرو "
فهل كان أبي حكيم زمانه؟
رحم الله آباءنا و أمهاتنا اﻷموات جميعا برحمته الواسعة...و بارك الله في عمر اﻷحياء منهم...
حقا لا نعرف قيمة الشيء إلا بعد فقدانه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "