13‏/5‏/2022

طيكوك بقرة من بلاد جبالة إلى الرباط

 

طيكوك بقرة من بلاد جبالة إلى الرباط

نسخة 2022
بقلم أحمد المودن.
 
 

كتب "ابن المقفع" الجبلي في كتابه " جبالة ودمنة " في الصفحة 2022 أن بقرة هزيلة كانت تعيش بإحدى بوادي الشمال، تعاني في صمت وخنوع ، وحدث، ذات يوم، أن لسعتها " دبانة البقر " فأصابها " طايكوك ".
انطلقت مسرعة، رافعة ذيلها نحو السماء...
أقسمت ألا تقف حتى يصل خبر فقرها وضعفها إلى مركز القرار بالرباط...
صادفت، في طريقها عجلا مرشحا فخاطبها ساخرا :
- واش شبعتي ربيع؟!
لم تهتم بكلامه الذي جاء على وزن عبارة " واش شبعتي خبز" التي تقال ،عادة، للبشر، بل أكملت المسير...
ازدادت سرعتها و هي تلج الطريق المعبدة...وكلما اقتربت من الرباط زاد غضبها و هي تتساءل :
هل المغرب مغربان ؟ مغرب في النعيم ومغرب في الجحيم...مغرب تسير أبقاره في طرقات معبدة وتتداوى بمستشفيات مجهزة، وتنعم بسكن لائق...عجولها تدرس في أفضل مدارس الحضائر...ومغرب يقطع أهله الكيلوميترات ليسقوا الماء على الحمير والبغال...وأبقاره تعاني وكأنها في سجن كبير تلاحقها تهمة الإنتماء لمنطقة جبالة حيثما سافرت ، عجولها منقطعة عن الدراسة تقضي يومها بالزريبة، لا مستوصف ولا بيطري...؟!!!!
كانت دهشة البقرة كبيرة و هي تطوف شوارع الرباط فترى نافورات و شلالات اصطناعية يتمتع بها سكان المدينة...فأقسمت ألا تشرب ، تضامنا منها مع سكان مداشر الشمال وباقي بوادي المغرب و مواشيهم ...
مرت قرب البرلمان فأثارت انتباهها مسيرة ضخمة للأساتذة...وأخرى تطالب بإطلاق سراح المعتقلين...فسجلت تضامنها معهم، ثم غيرت الوجهة نحو وزارة " الرفق بالحيوان" أصبحت أكثر حزنا، فزادت سرعتها، إلى أن وصلت إلى حي الوزارات بالرباط...
بسرعة وضعوا حواجز ومتاريس خوفا من أن تكون محملة بمتفجرات أو أن تكون مصابة بجنون البقر ...
استعملوا مكبرات الصوت محاولين التحدث معها عن بعد ولكن لا أحد فقه لغتها...وهنا أطل ذئب من مخبئه عفوا من مكتبه، وقال:
_ دعوها فإنني أعرف هذا الصنف من المواشي، يأتيه " طايكوك " من وقت لآخر ...ولا خوف منه...
كانت شجاعة هذا الذئب كافية لتطل التماسيح والذئاب والنمور والثعالب وباقي آكلي اللحوم والميزانيات...
خاطب الذئب البقرة بعد أن زودته الثعالب بسيرتها ورقم بطاقتها ضمن القطيع:
- أولا أنت بقرة مبحوث عنها، و تهمتك حسب إحدى الشكايات المجهولة هي أكل أشجار الغابة و حرث القنب الهندي إلى جانب الحمير والبغال...
أحست البقرة بالخوف فتراجعت قليلا و هي تقول :
_ نحن يا سعادة الذئب ، عفوا يا سعادة الوزير...بقر ضعيف...أرضنا لا تنبت زرعا و لا فولا...نمرض فلا نجد طبيبا بيطريا، عجولنا تتسكع في الطرقات، وتقتل الوقت بالمقاهي ...نحن يا سيدي بقر لا حق لنا في هذا البلد، ولا تعرفوننا سوى في موسم الحرث والإفتراس..لقد وعدونا بماء كثير...فمدت القنوات و بنيت السقايات...و شرب العارفون الماء قبل أن يصل...طرقنا لا تصلح حتى للبشر فبالأحرى للبقر...
إننا ياسيدي بقر مُهْمَلٌ منسي في جبال ومداشر لا تعرفها الذئاب إلا في موسم الإفتراس...لقد أنهكنا الغلاء يا سيدي...
أخرج الذئب مخالبه، ثم أزال قطعة لحم كانت بين أنيابه وقال:
- أوليس لكم نواب يوصلون معاناتكم للجهات الرسمية؟
- نوابنا يا سيدي قصدوا الجبال ليقنعوا الناس بضرورة التصويت خلال موسم الحصاد القادم ...
يتنهد الذئب متصنعا، ثم يقول:
-كفى ...كفى... لقد حز في نفسي منظرك الهزيل...لذا فقد قررنا بناء قنوات ضخمة تسمح بنقل مياه سد الوحدة وباقي سدود الشمال إلى مناطق الغرب والوسط والجنوب، وسنخفف عن أبنائكم عبء الدراسة بالتراجع عن مشروع النواة الجامعية التي سبق أن دشناها هناك، كما سنشيد سدودا أخرى بالإقليم، وسنقنن القنب الهندي أيضا...ونتمنى أن تحل هذه المشاريع مشاكلكم...كما أن التبن والشعير المدعم سيكون متوفرا قريبا في إطار مخطط " المغرب الأخضر" ...
فقاطعته البقرة و هي تقول:
- هل تسمح لي يا سيدي بأن "أُرَوِّثَ" قليلا ، فقد وجدت ذلك أفضل من أن أتقيأ ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "