11‏/12‏/2017

الصدمة

قصة قصيرة واقعية بقلم المودن أحمد

كان ذلك ذات يوم أحد...السماء غائمة والبرد قارس...اغتنم اﻷب ظهور شعاع شمس منفلت من السحب الداكنة، فقرر القيام بجولة قصيرة إلى السوق...
بعد عودته اقتربت منه بنته ذات الست سنوات وقالت له مبتسمة :
- لقد تناولنا قسطا من العقاب يا أبي...لقد ضربتنا أمي ...
- ولم ضربتكم يا بنتي؟
فتجيب البنت ببراءة :
- كنا نلعب خارج المنزل فصرخنا وأثرنا هرجا...فنادت علينا أمي وضربتنا...
إنتهت الشكوى فاعتقد اﻷب أن اﻷمر انتهى خاصة وأن زوجته لم تعلق على الموضوع...ونفس الشيء بالنسبة لبنته ذات العشر سنوات...
خرج من المطبخ وقصد بيت النوم حيث كان هاتفه يشحن، ليفاجئ بالكابل وقد قُطع!!!
اعتقد أن اﻷمر يتعلق بتماس كهربائي...لكن لا أثر لسواد أو آثار حريق!!!
نادى على بناته وزوجته التي كانت بالمطبح فأنكر الجميع وأقسموا أنهم لم يفعلوا...وبفراسته ركز على الفتاة الكبرى وبعد مناوات اعترفت بفعلتها وقالت أنها فعلت ذلك ردا على ما تعرضت له من ضرب من طرف أمها...
انفعل اﻷب فضربها هو اﻵخر بحزامه وخرج إلى وسط المنزل ليفاجئ بأن كابلا آخر لهاتف الزوجة الذي كان يشحن قد تم تقطيعه بمقص!!!
هنا صدم اﻷب واكتشف أنه أمام مشكل حقيقي...فنادى على الفتاة وحاول معرفة اﻷسباب الحقيقية لهذا التصرف كما بين لها أنه هو اﻵخر كان يتعرض للضرب من طرف أبيه وأمه ولم يحدث أبدا أن تصرف بمثل هذه الطريقة معهم...وفي نفس الوقت أبلغها أن عقوبتها الحالية هي الحرمان من النقود لمدة أسبوع وسحب اللوحة الإلكترونية منها و منعها من السفر خلال العطلة القادمة و كذا إبلاغ معلميها بالحادث مع تهديدها بحرق أصبعها إذا كررت الإقتراب من الكابلات الكهربائية...ورسم لها علامة على الحائط للتذكر بهذا العقاب المنتظر...
بعد لحظات لاحظ أنها تريد طلب المسامحة منه مستعينة بأمها...
تكررت محاولاتها دون أن يتنازل اﻷب...وهنا تدخلت اﻷم لتطلب منه المسامحة وتضيف له أنه هناك كابلان آخران تم تقطيعهما بالمقص وهما كابل الفأرة وكابل الكلافيي!!!
حمد الله داخل نفسه لأن الطفلة لم تحاول قطع كابلات الكهرباء 220 V وإلا كانت ستحصل كارثة حقيقية...
رويدا رويدا بدأ يلاحظ توسلات الطفلة لأمها لكي يسامحها اﻷب...بل وسمعها تطلب منها ألا يخبر معلميها بما فعلت...وللإشارة فهي طفلة مجتهدة جدا بل وتحصل دائما على المراتب اﻷولى بمدرستها...
وبينما هو منهمك في إعادة وصل وتلحيم الكابلات، أحس بقبلة تنزل بها بنته على رأسه وهي تعتذر وتطلب المسامحة...
تمنع قليلا ثم أبدى ليونة سمحت له بمحاورتها ومحاولة معرفة الحقيقة كما هي...كما شرح لها بهدوء أن أمها حتى وإن ضربتها فهي تحبها وتريد أن تكون تربيتها حسنة...و أنه لا يوجد أب أو أم يكرهان أبناءهم...وهكذا حقق لها طلبها بعدم إخبار معلميها مع اﻹبقاء على عقوبة عدم اعطاء النقود لمدة أسبوع وسحب اللوحة اﻹلكترونية والمنع من السفر في العطلة...
بعد يوم من الحادث تكررت توسلات الطفلة و كان طلبها الوحيد هو نسيان ما وقع واعتبارها كمخلوق يولد من جديد...وأقسمت ألا تكرر الخطأ...


          

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا على الموضوع
    نتمنى المزيد ....
    زيارتكم تسرنا على الروابط التالية
    أخبار العالم
    الموقع الأول
    جسور التواصل
    الصحة العامة

    ردحذف

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "