20‏/12‏/2017

بلاد البردعة قبل الحمار

قصة قصيرة بقلم المودن أحمد

بعد أن انتهى العم عبد السلام من جمع وطحن زيتونه قرر زيارة إبنته بمدينة فاس ليمنحها ما تيسر من الزيت والزيتون اﻷسود...
هو لن يسافر لوحده طبعا، فقد " أنزلت له زوجته ارحيمو العار " وطلبت منه أن ترافقه لأنها إشتاقت لابنتها التي " تقطعها من لحمها " كما تدعي...
هذه الزيارة سبقها خبر مزعج استمع له العم عبد السلام في نشرة اﻷخبار المسائية...فقد تقرر تغريم كل من قطع الشارع من مكان غير ممر الراجلين 25 درهما !!!
لم ينم العم عبد السلام ليلتها، فقد كان يفكر في مصيره وهو يطوف بالمدينة باحثا عن ممر الراجلين...
في الصباح لم يخفي قلقه عن زوجته بل أكد لها أن أي خطأ في قطعهما للشارع يعني غرامة 50 درهم لشخصين...
وصل الزائران إلى محطة بوجلود لينبهه ذكاؤه لأخذ طاكسي صغير لتفادي امتحان قطع الشوارع...
سأله السائق عن وجهته فأجاب بثقة :
- عين هارون الشريف...
تسير السيارة مسرعة لتتوقف فجأة قرب مكتب بريد غير بعيد من مدارة بندباب .
يستغرب عبد السلام الذي يعرف وجهته بشكل جيد:
- السي محماذ هذي راها ماشي عين هارون!؟
- عندك الصح الشريف ولكن معندي منين نسلك، الزحام بزاف فالومبوان...الله غالب.
يجيب السائق بثقة و حسرة .
نزل الزائران فإذا بهما أمام منظر تقشعر منه اﻷبدان، باعة متجولون فوق الرصيف ووسط المدارة...وراجلون يسيرون وسط الشارع و بين السيارات...ازدحام و سب متبادل بين السائقين والراجلين والباعة ...
تساءل عبد السلام مع نفسه :
هل نحن فعلا في مدينة فاس؟...أين هي ممرات الراجلين التي شاهدناها في اﻷخبار؟...وأين هو الرصيف ؟.
لم يخرجه من دوامة اﻷسئلة سوى سؤال ارحيمو:
- معرافت مالهم مقلوناش خلصو خمسميا دريال وخا مشينا فالوسط دالشانطي ؟
فأجابها بحسرة:
-هاذو خاص لباباهم شي 25 عام دالحبس بيثوني بلا نعاس...هاد البلاد عندنا أيشريو فيها البرداع قبل الحمار...


                          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "