18‏/1‏/2018

وراء كل لاجئ للمقهى امرأة

قصة قصيرة بقلم المودن أحمد

لم يكن من عادة احميذو ولوج المقاهي...لكنه اليوم وجد نفسه يغازل قهوته السوداء المرة ويستنشق -رغما عنه- بقايا دخان السجائر الذي ينفثه المدخنون...
كان المقهى ممتلأ عن آخره، وأغلب الرواد يدخنون ويلعبون الورق أو يمررون أصابعهم على هواتفهم بطريقة عصبية ...
تساءل احميذو مع نفسه: أهؤلاء جميعا فارون من منازلهم مثله، أم أنه اللاجئ الوحيد بهذا المقهى؟!.
تذكر احميدو عندما جاء ذات يوم للمدينة مهاجرا وليس له سوى قوت يومه...عمل وكد واجتهد إلى أن اشترى منزلا متواضعا في حي شعبي مع مطبخ منفرد...ثم أكمل دينه واختار فتاة متعلمة جمعت بين البداوة والحضارة...
مرت السنين جميلة ورزق بأطفال ملأوا البيت سعادة...
تحسنت اﻷحوال المادية لاحميذو فاقترحت عليه زوجته تزليج البيت فالصباغة تتسخ بسرعة...فلم يمانع...
بدا البيت بعدها جميلا بعد تزليجه ...
بعد سنة جاء اقتراح ثان من الزوجة :
- لماذا لا تغلق باب المطبخ الخارجي وتفتح له بابا من الداخل...وهكذا أتفادى الجارات ورجالهم وأبناءهم...وأغلق علي بابي...؟!
رد حينها بحزن :
-ولكن هذه العملية كان يجب أن تتم قبل تزليج الصالون والمطبخ! أتتصورين حجم المصاريف والمخلفات والوقت المطلوب ؟!
لم تتفهم الزوجة مبررات احميذو الذي كان الى عهد قريب سعيدا في بيته كما هو...
تمر اﻷيام وتستمر الزوجة في التمسك بطلبها ليتنازل احميذو عن " عكسه " الوراثي فيستسلم وهو يردد على مسامع " المعلم البناي " : قالها الشركي الله يرحمو ... ريها صالح " ...
بعد شهور بدأت الزوجة تشتكي من دخول بخار ورائحة المطبخ إلى البيت، فلجأت إلى فتح باب المنزل باستمرار من أجل التهوية ،وهو أمر اغتنمته الجارات لولوج منزله دون دق أو استئذان...
أصبح اﻷمر مزعجا، فاستشار الزوج زوجته في الحل المناسب، فاقترحت عليه بيع المنزل واللجوء لأخذ قرض من البنك من أجل شراء منزل أفضل بحي أرقى...وتمسكت برأيها...
هنا وجد احميذو نفسه يردد لوحده :
" رحمك الله يا أبي كنت دائما تنصحني قائلا" المرا شورها لا تدير بريها "...
ها هو اليوم قد هرب من منزله ليصبح لاجئا بالمقهى كباقي اللاجئين، يحكي همه لقهوته ويخاطبها كالأحمق :" وراء كل لاجئ للمقهى إمرأة "...على وزن " وراء كل عظيم....."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "