25‏/2‏/2018

احميذو المجنون

قصة قصيرة بقلم المودن أحمد

ما أن تكرر سقوطه على اﻷرض، حتى اختلف اﻷهل والجيران بخصوص حالته...فسقوطه ليس عاديا، فهو يفقد الوعي ويعض على لسانه فيسيل منه الدم فيخرج مصحوبا بلعابه، ...
تم رش الماء عليه، ثم نثر الملح فوق جسده النحيف دون جدوى، فاستقر رأي اﻷهل على استدعاء الفقيه...
تلى السي عبد السلام ما تيسر من القرآن، لكن لاشيء تغير...احميذو يراوح اﻷرض ويضرب برجليه كأنه خروف مذبوح...
تبادل اﻷهل النظرات ليستسلموا لنصيحة الفقيه السي عبد السلام:
- احميذو ربما أصيب بمس من الجن، أنصحكم بزيارة الولي الصالح سيدي...
حملت اﻷم إبنها المريض فطافت به على مجموعة من اﻷولياء لكن حالته لم تتغير...بل أصبح يتكلم لوحده ويقول كلاما أشبه بالشعر...يهجو المقدم ويفضح الفقيه ويدعي أنه مناضل ...بل بدأ يقطع ملابسه ...فكان قرار أهل الدوار هو الحكم النهائي على احميذو بأنه أصبح أحمقا...
أعجب احميذو بهذا اللقب الجديد...فقد رفع عنه قلم أهل الدوار...ولم يعد أحد يهتم لوجوده...بل وانتشر خبر جنونه ليعرفه كل سكان القبيلة، فهو يكتفي بجمع سدادات القارورات في اﻷسواق...
حتى المسؤولون لم يعودوا يهتمون لحاله...إلى درجة أن حارس الغابة قبض من أبيه مبلغا من المال بحضوره مقابل التغاضي عنه في اجتثاث أرض غابوية...
بل أن نساء تحدثن عن خيانتهن لأزواجهن دون أن يعرن اي اهتمام لحضوره...
مرة كان يتجول بالسوق الأسبوعي فأثار انتباهه جلوس نواب برلمانيين بمقهي السوق...اقترب منهم فلم يعيروه أي اهتمام، باستثناء أحدهم الذي عبر عن أسفه لحاله قائلا :
- هذا المسكين مجاز عاطل أصبح أحمقا...
فأجاب اﻵخرون :
- مسكين...لا حول ولا قوة إلا بالله...
ثم اكملوا حديثهم عن قيمة العقار وانواع السيارات وأثمنة اﻷبقار والشعير والتبن...
عند عودته مساء إلى المنزل ألقى إطلالة على آخر اﻷخبار بهاتفه الذكي ليقرأ خبرا كبيرا : " نواب برلمانيون يجتمعون بمقهى السوق اﻷسبوعي لتدارس مسألة التنسيق من أجل الترافع المشترك عن قضايا اﻹقليم "
وتحت الخبر صورة النواب يتوسطها إبريق شاي و قارورة نفحة و "تسبيح " ومجلة خاصة بماركات السيارات...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "