24‏/2‏/2018

مدشر المرقة

قصة قصيرة بقلم المودن أحمد من تاونات

- ليتك ترشحت بهذا المدشر...إنك تستحق أن تصبح رئيس جماعته...لكن شريطة أن تحافظ على هذه الغيرة التي تملأ قلبك إتجاه المدشر والجماعة ككل...
كانت هذه واحدة من الطلبات والرسائل التي توصل بها اﻷستاذ " عزيز المناضل" من أهل المدشر الذي ينتمي له، من أجل منافسة المرشح الذي أصبح مرحاض الجماعة يحفظ تفاصيل المستور من جسده...
تكررت النداءات فقرر المغامرة، مقدما طلب الترشيح للإنتخابات المحلية...بل ووضع عينه على اﻹنتخابات البرلمانية، فهذا الكم الهائل من المساندين يكفي لاسترجاع اﻷندلس وتحرير فلسطين ايضا...
عدد كبير من السكان عبر عن رغبته في التصويت لصالحه باستثناء قلة قليلة احتفظت بصمتها وحيادها وعلى رأسهم احميذو الذي كان يراقب المشهد من بعيد ،يوميا، مسندا ظهره إلى حائط المسجد مستمتعا بمنظر الغابة المحيطة بالمدشر...
السوق اﻷول من أيام الحملة اﻹنتخابية كان لصالح المرشح " اﻷستاذ مناضل" بما لا يدع شكا في احتلاله للمرتبة اﻷولى بدائرته اﻹنتخابية...
لكن رغم ذلك حافظ منافسه " العم العياشي " على ابتسامته وختم سوقه بقيادة مجموعة من رؤوس اﻷغنام اشتراها للتو، ليركنها بسيارته صحبة دجاج رومي مذبوح...
- أيها السكان الكرام أعدكم أن أفعل ما في استطاعتي لإصلاح الطريق وتوفير مدرسة ومستوصف لهذا المدشر وإيصال الماء والكهرباء لكل منزل...سأدافع عن هذه المنطقة المنسية من هذا البلد كما أدافع عن شرفي...
كان هذا أهم ما جاء في خطاب اﻷستاذ " المناضل "...أما منافسه العم العياشي فلم يخطب في مناصريه إنما كان يكتفي بعبارة " كيف العادة ...مرحبا بكم"!
وحده المقدم كان مضطربا وقلقا...لا يكف عن استعمال الهاتف...
أصبح الأستاذ المناضل أكثر حماسا فقرر جمع التوقيعات لطلب محاسبة المسؤولين عن ضياع الغابة وعن ضياع ميزانيات المشاريع التي دشنت باﻹقليم...
- اسمع يا صديقي لقد قرأت يوما أن السلطة لا ترغب في مرشحين نزهاء...بل تفضلهم فاسدين...حتى إذا زاغوا عن أهدافها سهلت محاكمتهم...
كانت هذه هي النصيحة الوحيدة التي قدمها احميذو للأستاذ المناضل، لكن اﻷخير أخبره أنه لا يستسلم وأنه سيواصل مهما كان اﻷمر...
بعد فرز اﻷصوات كانت الصدمة...لم يصوت للأستاذ المناضل سوى ثمانية أشخاص منهم أبوه وأمه وزوجته و احميذو...
لم يستسغ اﻷستاذ المناضل هذه الهزيمة ففقد أعصابه واتهم المقدم بالضغط على السكان...واتهم منافسه باستعمال المال والمرقة في حملته اﻹنتخابية...
بعد أيام قليلة القي القبض على اﻷستاذ المناضل بتهمة إهانة " مقدم المدشر "...
قضى صاحبنا تسعة أشهر سجنا ليخرج أشعث الشعر،أصفر اللون...بل قرر ألا يكلم أحدا...
تكررت محاولات محبيه في إخراجه من عزلته ليجيبهم أخيرا بكلمات قليلة :
- " نصحوني في السجن بالصمت...وسأنصحكم به ..."
احتار احميذو في أمر رفيقه المناضل فقرر الإتصال به هاتفيا...لكن عليه أولا أن يعبأ رصيده...
حك بطاقة التعبئة...أدخل اﻷرقام اﻷربعة عشر...انتظر قليلا وصول رسالة تأكيد نجاح التعبئة، لكنه توصل قبلها برسالة نصية من المقدم تقول:
" لقد تم تقليم أظافر صاحبك بنجاح...ههههههههههههههههههههههههههه"

#المودن_أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم التعليق باسم " مجهول - anonyme "